216

ومن ناحية أخرى فإن ذلك يتنافى مع ما يتبادر من مصلحة العباد، ويجب على الله - في زعمهم - أن لا يفعل إلا ما فيه مصلحتهم، وسيأتي إن شاء الله بحث كل واحد من هذه الأصول بما فيه مقنع لمن وفقه الله للهدى.

وبالجملة فإن إسناد الختم إلى الله حقيقي ولا داعي إلى تكلف الاجابات المتنوعة التي جاء بها الزمخشري، إذ لا يصار إلى المجاز إلا مع تعذر الحقيقة، والشواهد قائمة - بحمد الله - على أن الحقيقة هنا مقصودة.

والمراد بالقلب هنا العقل، فإن العرب تطلق القلب على اللحمة الصنوبرية المعروفة في الجسم بهذا الاسم، وتطلقه على العقل والادراك، ومن هذا الاطلاق قوله عز وجل:

إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

[ق: 37].

وهذا الاطلاق ناشئ عما بين العقل والقلب من الترابط، فإن العقل وإن كان سلطانه في الدماغ أو هو نفسه في الدماغ، كما يرى المتأخرون، فإن للقلب تأثيرا عليه لأنه مصدر الانفعالات، ومنبع العواطف ومحل الوجدان باتفاق الجميع، ولكل ذلك تأثير على العقل ولا يبعد أن يكون للقلب أثر في تكوين الفكر في الدماغ.

وسمي بهذا الاسم لما يطرأ عليه من التقلب، وهو ما يشير إليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم:

" قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن "

، وما هو إلا كناية عن تصريف الله تعالى له بحكمته ولطفه. ومن ثم قال الشاعر:

ما سمي القلب إلا من تقلبه

Página desconocida