قلت: وكم بيننا وبين بغداد؟
قال: أربعون فرسخا -يعني مسيرة خمس مراحل-.
قال: فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما هذا الذي عملت بنفسي؟، وليس معي ما أكتري به، ولا أقدر على المشي.
فقال: اجلس حتى يرجع.
قال: فجلست إلى الجمعة الأخرى، فجاء بشر في ذلك الوقت ومعه شيء يأكله، فلما فرغ قال له: يا أبا نصر! هذا صحبك من بغداد، وبقي عندي منذ الجمعة الأولى؛ فرده.
قال: فنظر إلي كالمغضب، وقال: لم صحبتني؟
قلت: أخطأت.
قال: قم فامش. فمشيت إلى قرب المغرب، فلما قربنا قال: أين محلتك من بغداد؟
قلت: في موضع كذا.
قال: اذهب ولا تعد.
فتبت إلى الله عز وجل، وصحبتهم وأنا على ذلك، رضوان الله عليهم.
وقيل لبشر بن الحارث المذكور: لم لا تحدث؟
Página 29