قلت: وليس في هذا المختصر متسع لذكر نبذة من محاسنهم الغالية ومقاماتهم العالية، وما تحققوا فيه من الصدق والإخلاص، والحرية من رق النفس العسرة الخلاص، وذبحها بسيوف المخالفة حتى ماتت، ثم حيت وصارت موافقة على الحق وموالفة، ولم يغتروا بما اغتر به كثير من الحمقاء في طلب الجاه وغيره من الحظوظ العاجلة، لما دخل في قلوبهم نور العرفان؛ عرفوا حقارة الدنيا وأن الجاه والشرف العظيم، والعز والنعيم المقيم في الدارة الآخرة، فهم السادات على التحقيق، أهل العلا والفضائل، والسامحون بنفوسهم في طلب المعالي القدسية، المتصفون بقول القائل:
تهون علينا في المعالي نفوسنا ... ومن خطب الحسناء لم يغلها المهر
وبقول الآخر:
وسائل عنهم ماذا تقدمهم ... فقلت شيء به عن غيرهم بانوا
وبقول الآخر:
صانوا النفوس عن الفحشاء وابتذلوا ... منهن في سبل العليا ما صانوا
وبقول الآخر:
فأجسادهم في الأرض قتلى بحبه ... وأرواحهم في الحجب نحو العلى تسري
وبقول الآخر:
ولست بميال إلى جانب الغنى ... إذا كانت العلياء في جانب الفقر
وفي الفقر وأهله، والفرق بين ما ذكرت من اختلاف العرف والعادات
فيمن يعدون من السادات، قلت هذه الأبيات:
Página 22