الله أنهم كفروا بعد إيمانهم، وهم مع رسول الله ﷺ في غزوة تبوك؛ فتأمل - أرشدك الله- من انتسب إلى الإسلام مرق من الإسلام؛ لما أظهر خلاف ذلك، فكيف بما هو أظهر من ذلك؟ فإذا كان على عهد النبي ﷺ وخلفائه مَن انتسب إلى الإسلام مَن مرق منه، مع عبادته العظيمة، حتى أمر النبي ﷺ بقتالهم، فعلم أن المُنْتَسِب إلى الإسلام في هذه الأزمان قد يمرق من الإسلام.
الإسلام لا يصلح إلا بمعاداة أهل الشرك
وقولكم: هل يعلمون للنبي ﷺ دينا إلا الإسلام الذي جاء به جبرئيل؟ فمعلوم أن رسول الله ﷺ قام يدعو الناس إلى التوحيد سنين عديدة، قبل أن يدعوهم إلى أركان الإسلام.
ومعلوم أن التوحيد الذي جاء به جبرئيل أعظم فريضة، وهو أعظم من الصلاة والزكاة والصوم والحج، فكيف إذا جحد الإنسان شيئا من أركان الإسلام كفر، ولو عمل بكل ما جاء بها الرسول ﷺ، وإذا جحد التوحيد الذي هو دين الرسل من نوح إلى محمد لا يكفر؛ لأنه يقول: لا إله إلا الله؛ أو لأنه يفعل كذا وكذا؟ فما الذي فَرَّقَ بين رسول الله ﷺ وبين قريش؟ هل هو عند الملك والرياسة والتطاول؟ أو عند لا إله إلا الله محمد رسول الله؟ فتفرقوا عند ذلك وقالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ ١.
أتظن أن قريشا لو يعلمون أن هذا الكلام مجرد قول بلا عمل، وأنهم يقولون لا إله إلا الله، وينشؤون على دينهم، ولا يضرهم، وأن النبي ﷺ يرضى منهم بذلك وأنه ما يحاربهم ولا يكفرهم ولا يقاتلهم؟ أتراهم يتركون التلفظ بلا إله إلا الله كما هو اعتقادكم، أَوَ دِينُ الإسلام لفظُ لا إله إلا الله؟ وأن من قالها فهو المسلم، وتؤثرون عليها حديث جبرئيل، وحديث: بني الإسلام على خمسة أركان، وحديث أمرت أن أقاتل الناس. وحديث أسامة. وحديث من صلى صلاتنا.
وحديث أنه كان إذا أغار على القرية؛ إن سمع أذانا كَفَّ عنها، وإلا أغار عليها، ولكن الأمر كما قال عمر ﵁: "إنها لا تنقض عُرَى الإسلام عروة عروة حتى ينشأ في الإسلام
_________
١ سورة ص آية: ٥.
1 / 45