أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ ١.
فالآية من أولها إلى آخرها تنادي بتكذيب هذا المعترض الذي يفسر كتاب الله برأيه.
(وجواب رابع): وهو أن يقال: إذا جوَّزت أن يكون المراد بقوله ﵎: ﴿إِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ ٢ أن يكون المعنى أي: أرادوا الاقتتال، أو قوله: ﴿فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى﴾ ٣ أي: أرادوا البغي؛ جاز أن يقال ذلك في قوله ﷺ "من بدَّل دينه فاقتلوه" ٤، فيكون معنى الحديث عندكم: مَنْ أراد تبديل دينه وَهَمَّ بذلك -وإن لم يتكلم ويعمل- فاقتلوه.
وهذا لا يقوله من يفهم ما يقول؛ وذلك لأن ما في القلوب من الإرادات والنيات لا يعلمه إلا الله، وجاز أن يكون معنى قوله: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ ٥ أي: يرد قتله وإن لم يقتله، وجازه –أيضا- ذلك في جميع آيات الوعد والوعيد كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا﴾ ٦ أي: يرد أن يعصي الله ورسوله ويتعد حدوده، وإن لم يفعل ذلك، فإن طردت ما قلت لزمك أن تقول ذلك في جميع ما شابهها في آيات الوعد والوعيد والأمر والنهي.
حكاية مكذوبة
وأما الحكاية التي ذكرها أن معاوية ﵁ أظهر لأهل الشام، أن عليا لا يصلي، حتى حاجَّ بذلك بعض أهل الشام هاشم بن عتبة ﵁ فهي من أظهر الكذب والبهتان عند من له أدنى معرفة بهذا الشأن، وقد ذكرنا بالنقول المتواترة أن أهل الشام إنما قاتلوا عليا ومَن معه للطلب بدم عثمان ﵁؛ لأن قتلة عثمان كانوا رؤوس جيش علي، ولا يحكي مثل هذه الحكاية إلا من لا يستحي من الكذب.