وجهين لا ثالث لهما: إما أن يكون أمرا، وإما أن يكون خبرا، فإن كان أمرا، فمخالف أمر رسول الله ﷺ فاسق، وعمله مردود، وإن كان خبرا، فمجيز تكذيب رسول الله ﷺ كافر.
اختلاف الفرق في الإمامة
ثم اختلف القائلون بأن الإمامة لا تكون إلا في صلبة قريش، فقالت طائفة: هي جائزة في جميع ولد فهر بن مالك فقط، وهذا قول أهل السنة، وجميع المرجئة، وبعض المعتزلة.
وقالت طائفة: لا تجوز الخلافة إلا في ولد جعفر بن أبي طالب ﵁، ثم قصروها على عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر.
وقال بعض بني الحارث بن عبد المطلب: لا تجوز الخلافة إلا لبني عبد المطلب خاصة، وهم أربعة فقط لم يعقب لعبد المطلب غيرهم، وهم: العباس والحارث وأبو طالب وأبو لهب. وبلغنا عن رجل من أهل طبرية الأردن: لا تجوز الخلافة إلا في بني أمية بن عبد شمس، وكان له في ذلك تأليف مجموع. ورأينا كتابا مؤلفا لرجل من ولد عمر بن الخطاب ﵁ يحتج فيه بأن الخلافة لا تجوز إلا في ولد أبي بكر وعمر ﵄ فقط.
قال أبو محمد: "وهذه الفرق الأربعة لم نجد لهم شبهة تستحق أن يشتغل بها إلا دعاوي كاذبة، لا وجه لها مع انقطاع القائلين بها ودثورهم".
وقالت طائفة: لا تجوز الخلافة إلا في ولد العباس، وهو قول الراوندية١، واحتجوا بأن العباس كان عاصب رسول الله ﷺ ووارثه. قالوا: فإذا كان كذلك، فقد ورث مكانه، وهذا ليس بشيء؛ لأن الميراث لو صح له، لما كان ذلك إلا في المال خاصة، وأما المرتبة فما جاء قط في الديانة أنها تورث، فبطل هذا التمويه جملة، ولله الحمد.
وقد صح بإجماع جميع أهل القبلة- حاشا الروافض- أن رسول الله ﷺ قال: " إنا لا نورث، ما تركناه صدقة" ٢ فاعترضوا بقول الله ﷿: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ﴾ ٣ وقوله -تعالى- حاكيا عن زكريا: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ