El lado emocional del Islam
الجانب العاطفي من الإسلام
Géneros
والاسم الجامع لذلك كله (صبر) وهذا يدلك على ارتباط مقامات الدين كلها 180
بالصبر من أولها إلى آخرها. وهكذا يسمى عدلا إذا تعلق بالتسوية بين المتماثلين وضده الظلم ويسمى سماحة إذا تعلق ببذل الواجب والمستحب بالرضا والاختيار، وعلى هذا جميع منازل الدين أ. ه. والذى يتبادر إلى أذهان العامة أن الصبر يستحب لمواجهة المآسى والآلام، ولا ريب أن عمل الصبر فى هذه المواطن مطلوب. بيد أن عمل الصبر فى النفس إبقاؤها فى مجال الاعتدال والتؤدة والبصر. وإذا كانت الضراء تخرج الناس عن وعيهم حينا، فإن السراء تخرج الناس عن وعيهم أحيانا. ولاتصال النعمة سكرة تستفز بعض الضعاف، وتدفعهم إلى ما لا يليق من بطر وجهل. من أجل ذلك أوجب الإسلام الصبر على المسلم فى حاليه من خير وشر ونفع وضر، قال تعالى (ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور * ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور * إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير) . والصبر بهذا الشمول امتلاك أزمة النفس كلها حتى لا تشرد بها الأهواء والأنواء يمنة أو يسرة. ومن الحكم التى رواها ابن الجوزى: " إن لله عز وجل يوما لا ينجو من شره منقاد لهواه ". وإن أبطأ الصرعى نهضة يوم القيامة صريع شهوة. وإن العقول لما جرت فى ميادين الطلب كان أوفرها حظا من يطالبها بقدر ما استصحبته من الصبر يعنى أن الذكاء المجرد لا يكفى فى إحراز النجاح إن لم يصحبه دأب على العلم، وتحمل لأعبائه، ألا ترى الأرنب الذى اعتمد على سرعته الطبيعية، غلبته سلحفاة لأنه ركن إلى قدرته فلها وعرفت هى بطأها فثابرت؟ كذلك اللهو يخذل العقول!. وإن العقول معدن والفكر معول يعنى أن التفكير يتطلب جهدا وكدا وكم عرق الأذكياء من إعمال الفكر كما يعرق الفلاح وهو يضرب الأرض بفأسه غاية ما هنالك أن العامل بيديه أصح بدنا، وأن العامل بعقله أدنى إلى الإعياء..!!
Página 169