El lado emocional del Islam
الجانب العاطفي من الإسلام
Géneros
ونبدأ بأسرع دواعى المحبة ورودا على الذهن، وأعنى به الإحساس الذى يستعبد الإنسان ويقيده بأواصر نفسية متينة نحو المحسن، ولا شك أن الله تبارك اسمه ولى النعم التى يخوض الناس فيها خوضا، ويمرحون فى بحبوحتها طولا وعرضا (وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون). والنعم الإلهية تكتنف الوجود الإنسانى من كل ناحية، إلا أن البشر يعاملون ربهم معاملة الولد المدلل العاق لأبيه، يضيق إذا حرم بعض رغائبه، ويتمادى به الضيق حتى ينسى المنن الجسام التى تطوق عنقه وتستبقى كيانه. ولو أن الله يسارع إلى الإنسان بكل ما يهوى لهلك الإنسان. إننى أشهد على ضوء تجاربى التى حفرتها الأيام من حياتى أن أنفس ما يعلى شأنى أنى وليد أمور كنت بها ضائقا، أو أتت بعيدا عن تفكيرى، وتقديرى. ولو سارت أحوالى وفق ما أهوى ما كنت إلا أحد الهمل، ولو وكلت إلى نفسى، ورغباتها المجابة لهلكت. وما أصدق قول الله فى كتابه: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) ولو عقل الإنسان لكان حبه لله سواء فى المحن والمنح لأن تقدير الله للإنسان أجدى عليه من تقديره لنفسه. وتبقى بعد ذلك كله أصول النعم التى يحيا بها الإنسان ويقتعد بها مكانه فى الوجود الكبير، وهو مكان جد خطير، قال تعالى: (الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار * وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار * وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) وإسداء الجميل يورث الشكر، وهو شعور قد يطول وقد يقصر، ولكن تكرار الجميل على تراخى الأيام وتفاوت الأحوال يورث الحب، والحب عاطفة تلتصق بالشغاف، وتتشعب فى نواحى السلوك كلها. وتكرار الجميل لمن يعترف به ظاهر، بيد أن الإنسان كثيرا ما يستقبل النعم الجزيلة 221
Página 211