Janaqu Clavos de la Tierra
الجنقو مسامير الأرض
Géneros
ثم قلت له ما كان يقوله لي أحد أصحابي في القضارف: أنا وكسي ما بين ولد وجكسي.
قال محتارا: وضح أكثر، شنو عمل النسوان، وشنو عمل الرجال، شنو وكسي وشنو جكسي؟
قال ود أمونة، قلت له: إنت جاهز لعمل النسوان أم لعمل الرجال؟ عشان أشرح ليك عمليا.
وفجأة صمت ود أمونة عن الحكي؛ لأن الباص توقف فجأة، بصورة دفعت جميع الركاب إلى الأمام، كدنا نطلق السباب على السائق ونشتم أمه وأباه، لولا أننا شاهدنا الرجال الملثمين الذين أحاطوا بالباص في سرعة البرق، وهتف صوت جهوري يعرفه الجميع: انزلوا واحد واحد دون كلام وبالصف، النسوان يقعدو قبلن وبرضو الأطفال، كل راجل ينزل شنطتو معاه.
ونزلنا جميعا، كان هنالك جذع شجرة ضخمة موضوع في طريق الباص على مطب ضيق، رغم أنهم ملثمون فإننا عرفناهم جميعا، ما عدا بضعة أفراد يحملون بنادق رشاشة يقفون بعيدا، ليشكلوا حماية لأصحابهم، لم نتبين من أمرهم شيئا، وكنا نعرف أنه يجب علينا الادعاء بعدم معرفة الناهبين، وأن نطيع، وأن نعطي، وألا نثرثر، وأن نخفض رءوسنا، وأن لا تلتقي أعيننا بأعينهم أبدا، قال رجل منهم، يعرفه الناس باسم طه كوكو: نحنا عايزين من كل راجل نصف القروش اللي معاه، وعايزين من سواق اللوري كل القروش اللي معاه، والقروش بتاعت التاجر آدم إدريس البلالاوي اللي مرسلنها ليه من القضارف، بسرعة، ونفذنا الأوامر في سرعة رهيبة، قال ويبدو أنه هو المتحدث باسم المجموعة: نحنا ما شفتا، نحنا ناس مظلومين وعايزين حقنا، تاني ما ح نشتغل عبيد وال ... ح نقلع حقنا قلع، كلموا التجار الكبار اللي ماصين دمكم مص.
ثم أخذ المال، ثم سحب الجذع، ثم أطلاق سراحنا، كل ذلك في لمح البصر، ثم اختفوا في الغابة بل تلاشوا كأن لم يكونوا، قال لي ود أمونة بعدما ذهب المسلحون: ما قلت ليك، ما تثق في زول ولا تشيل قروش كتيرة معاك، شايف صاحبك الشايقي؟
هنالك ملحوظة مهمة، وهي أن الجنقو كانوا جميعا مسلحين برشاشات كلاشنكوف ، وأن عددهم لا يقل عن العشرين، وأن بعضهم يرتدي ملابس وأحذية عسكرية تخص جيش الحكومة، لكن الأهم أنهم كانوا مطمئنين تماما ويعملون بترو وليست هنالك أي علامة للارتباك أو العجلة، وتأكدت صحة المعلومات التي تداولناها فيما بيننا بالباص، عندما وصلنا همدائييت كان الناس جميعا يتحدثون عن الدورية الحكومية التي اختفت علنا بالأمس وعن تمرد الجنقو الغريب، لم أهتم كثيرا بأمر الجنقو، سألته عن أبناء ألم قشي وزوجها السابق فهو خبير بالأمكنة كلها، بكل يسر وسهولة قادني ود أمونة إلى البيت، كانوا يقيمون مع جدهم، وهو رجل عجوز ثري كثير الكلام، البنت الكبرى جميلة تشبه والدتها، ولو أنها كانت فارعة القوام، الصغيرة أيضا تشبه والدتها، كانتا جميلتين ورقيقتين، استقبلت وود أمونة بحفاوة أكتر عندما علمتا أنني زوج أمهما، وسألوا عنها وعن صحتها، وقالتا إنهما لم ترياها منذ أكثر من عامين، حضر بعد ذلك بقليل زوج ألم قشي السابق ووالد البنتين، تركنا الجد، تناقشنا في شأنها، ولكن ما أدهشني حقا وأدهش ود أمونة أكثر، هو أنها انفصلت عن زوجها السابق بذات الطريقة التي تتبعها الآن معي، تحدث زوجها السابق منفعلا: قالت هي كرهتني، شلت بناتي أديتهم لأمي وأبوي وطلقتها، مشت عرستك أنت، المرا دي ما مفهومة، عندها مشكلة في رأسها.
قال له ود أمونة: إنه يقال ويعتقد بين الناس في الحلة أنه هو الذي هجرها، وأخذ بنياته منها، قال متأثرا: والله لم يحدث هذا إطلاقا، يشهد الناس بزهانة، لقد وسطت لها الدنيا والعالمين، ولكنها رفضتني، تركت لي البنات وهربت، فنصحني الناس حتى لا تكون في عصمتي، وتقوم بفاحشة تحسب علي أن أطلقها، فطلقتها.
قلت له محتارا: ما العمل؟
قال لي بثقة: طلقها، طلقها بأسرع ما يمكن، دا الحل الوحيد.
Página desconocida