Janaqu Clavos de la Tierra
الجنقو مسامير الأرض
Géneros
لكن أمه كانت تخفف عنه بالقول: في النهاية أخوك، تكررها في قلق، قالت لي العجوز وهي تحكي باستمتاع وقد نسينا فنجانا من القهوة يقبع في صمت فتساقط عليه الذباب: كان المساجين في الحبشة وإلى وقت قريب لا يطعمهم السجن، يربطونهم ليشحدوا في السوق والاندايات، وأثناء ما كان عبد الرازق يتناول طعاما في سوق الحمرة مع أصحابه التجار إذا به يرى توأمه عبد الرزاق مربوطا ضمن عدد من المسجونين يسأل الناس طعاما، كاد يقف قلب عبد الرازق من المفاجأة: تومي عبد الرزاق؟ أطعمه وأعطاه مالا، وقال له بلغة المساليت إنه سوف يأتي إليه يوم الجمعة في السجن، الجمعة التي بعد جمعتين كاملتين، يرتدي نفس الملابس التي يرتديها توأمه الآن، نفس الحذاء، ونفس الطاقية، وسوف يطلب مقابلته وهنالك في السجن يتبادلان المواقع، وأضاف: أنا بعرف بتعامل مع الجماعة ديل كويس، أنا بعرف ليهم، أنا عشت مع الشفته والفالول سنة كاملة، وبالفعل تبادلا المواقع في التاريخ المتفق عليه، ولكن في اليوم الثالث بلغ عنه المساجين الذين اكتشفوا الخدعة منذ اليوم الأول، بالرغم من أن عبد الرازق عبارة عن نسخة أخرى من عبد الرزاق، كأنما الأول صورة للآخر في المرآة، ولكن طبيعة عبد الرازق تختلف بصورة جوهرية عن توأمه؛ حيث إن عبد الرازق كان يميل لنوع من الحياة لا يحبذها أخوه، حيث إنه كثيرا ما يختفي لشهور كثيرة باحثا عن المغامرة والمتعة، الخمرة والنساء، مع قطاع الطرق الأحباش في أحراش إثيوبيا، كان ملولا سريع الغضب، وعنيفا ويتعاطى كل ما حرم الله، ولم يصل أو يصم إلا في صغره، عكس عبد الرزاق تماما؛ حيث كان طيبا مسالما، ولو أنه ما كان ميالا للعبادة، إلا أنه كان لا يتعاطى المسكرات، ولا حتى الصعوط والسجائر. - قدر ما قلت أقلد أخوي عبد الرزاق؛ ما قدرت خالص خالص، ما قدرت؛ فالطبيعة جبل كما يقول الناس.
وأخبر عنه المسجونون إدارة السجن علهم يجدون وضعا مميزا، أو على الأقل يتجنبون المساءلة إذا اكتشف أمره السجانون بأنفسهم، فقامت إدارة السجن بضربه ضربا مبرحا، ثم خيروه ما بين الخازوق أو الفرو، وكلاهما يعني الموت ببطء وألم شديد، فاختار الفرو، فربط في رأسه بأقصى درجة ممكنة وقالوا له: لو ما جبت أخوك خلال نصف ساعة ح تموت، ومفتاح الفرو عندنا هنا في السجن يللا «قلتف»، وتعني بلغة التجرنة التي يعرفها جيدا: أسرع.
في الثواني الأولى من ربط الفرو، تمنى لو أنه وجد أخاه ليسلمه للسجانين؛ حتى يفكوا من رأسه الفرو، ثم أخذ بالفعل يبحث عنه دون تركيز، دون خطة، دون أمل، كان يصرخ في الطرقات وهو يجري في كل اتجاه باحثا عن لا شيء، كان يهتف باسمه، لقد أصيب بهلع شديد، وحالة من التشتت، ولكنه كان يمضي بعيدا عن السجن على أي حال، كانوا متأكدين من أنه سيعود، حتما سيعود أو يموت، ويعرفون أنه لن يموت بعيدا عن السجن، يهمهم في الأمر الفرو الذي لا بد من إعادته للسجن، جثته سوف يرمون بها في البئر المهجورة عند سفح الجبل. - بعد لحظات بقيت أوعى، حسيت بنفسي، وتذكرت كيف الفالول يتعاملوا مع الفرو. ادعى أن الذي يلتف حول رأسه ليس هو الفرو آلة الحديد القاسية المميتة؛ ولكن ثعبان، ثعبان قد يقتله بلدغة واحدة، وقد يتركه في حاله إذا تعامل معه برفق وكلمه بالحسنى، وأقنعه بالمنطق، ولأنه يريد أن يحيا ولا يرغب في الموت ملدوغا من ثعبان سام؛ عليه بسياسة النفس الطويل، طولة البال، وأن يربط مهمة أن يخرج من الحدود الحبشية بترضية الثعبان، وأخذ يتلو نشيدا طويلا بالتجرنة، كان نشيدا طويلا يتكون من كلمات بسيطة قليلة:
لا أموت.
لا أموت، لا أموت، لا أموت، لا أموت.
لا أموت، لا أموت، لا أموت.
سوف أحيا، سوف أحيا، سوف أحيا.
ويستمر النشيد في كلمتين هما سوف أحيا، ولن ينتهي إلى أن يطلق الثعبان رأسه، واتجه نحو الحدود السودانية، مهرولا منشدا في اتجاه الغرب متجنبا طرق المشاة، السيارات، الحمارين، كل السكك المطروقة إلى همدائييت، اتجه جنوبا، قليلا جنوبا، عبر غابة الطلح الصغيرة، الواقعة على أرض حجرية صلدة حمراء، بها خوران، وعران، وبعض شجيرات الكتر الشوكية، تنبت ما بين هنا وهناك، يعرف هذا المكان جيدا، اشترى منه قبل عامين مائة قنطار من الصمغ العربي مقابل عشر جوالات من السمسم الأحمر النادر من برهاني كداني الحبشي الممسوخ كما يحب أن يسميه، وهو أحد أكبر الفالول في نواحي خور الحمرة وغابة زهانة الأكثر وعورة ورهبة، اشترى منه الصمغ على علمه التام أنه لا يمتلك ولا رطلا واحدا منه، ولا يفهم في طق الصمغ ولا لقيطه، وللمبالغة يقولون عنه إنه لا يفرق بين الطلحة والكترة، لكن ليس بإمكان المزارعين الفقراء البائسين أن يبيعوا صمغهم إلا من خلاله هو فقط، وبالسعر الذي يضعه، وكان غالبا لا يظلمهم ودائما ما يحميهم من قطاع الطرق واللصوص الآخرين، إذا التقى به هنا سوف يساعده دون شك في التخلص من الفرو، تبدو الشمس أمامه كبيرة حمراء مثل الدم، تغيب الآن، يمضي نحوها، يعرف أنهم أطلقوه في هذا الوقت بالذات؛ ليصعبوا أمامه خيارات النجاة؛ حيث إن الليل هنا عدو اللصوص أيضا، في ذلك المغرب التقى فالول وشياطين، فروا منه، وقبل أن يكتمل الغروب استطاعت ساقه أن تسلمه إلى البيت.
عاد الشرطيان، توقفا قليلا عند العجوز، سألاها عن فتى باسمه ولقبه، واسم أمه، مصحوبا بكلمة الشرموطة نكاية وغضبا عليه، قالت لهما: مشى زهانة، معزوم مع أصحابه كلهم عيد القديس يوهنس.
حوار موضوعي وكرميلا
Página desconocida