Janaqu Clavos de la Tierra
الجنقو مسامير الأرض
Géneros
استيقظ إثر نداء الصافية له، كان قد نام على الكرسي الذي تركته عليه، دخل القطية الكبيرة، كانت شبه خالية من الأثاث، عدا سريرين من خشب السنط مفروشين بلحافين، لم يتبين تفاصيلهما، الإضاءة لحد ما جيدة، طلبت منه أن يجلس في السرير الآخر، جلس، قالت له: عايز تعرف حكايتي مع ود فور؟
رد عليها بدبلوماسية ليست من طبيعته: لو ما بزعجك الموضوع دا.
قالت وهي تأخذ نفسا طويلا من الشيشة فتصدر صوتا بائسا: كويس.
الخريف الفات كنت شغالة في مشروع الزبيدي، تعرف مشروع الزبيدي؟ وقبل أن تسمع إجابته واصلت الحكاية، كانت هي المرأة الوحيدة بين عشرين رجلا من الجنقو، وتستطيع أن تتذكر أسماءهم، اليوم، الشهر، والساعة، أنا وود فور كنا ماسكين مقاولة سوا في مشروع الزبيدي، كانا يعملان في فريق واحد، لاحظت أن ود فور في الآونة الأخيرة كان يتقرب منها كثيرا، ودائما ما يضع نفسه في مجموعة العمل التي تضمها، ولاحظت أنه يتعمد الالتصاق بها ومداعبتها، وبغريزة المرأة التي لا تخيب عرفت أنه يرغب فيها، وعرفت أنها تريد ذلك ولأي مدى، إنها لن ترفضه إذا طلبها للزواج، فهو شاب ونشط ومسئول، والأهم أنه كان دائما ما يحترمها، فهي ترغب في أن يكون لها أطفال، وبيت، ورجل، وفوق ذلك كله لها رغباتها التي يجب أن تشبع؛ لذا لم تدفعه عنها ولم تستمله إليها، تركته يقوم بالدور كاملا، وهي طريقة تجيد النساء تمريرها للرجل الغبي المتعجل العاشق الأعمى، وهي صفات لحسن الحظ يشترك فيها الرجال كلهم، «قلت لنفسي يا بت خلي المسألة على الله»، وبلع المسكين الطعم، أطلق المبادرة تلو المبادرة، إلى أن نفدت حيله الصغيرة المسكينة التي أجادت الصافية ادعاء تجاهلها، قال لي والدنيا ليل ولكن القمر أبيض في السما وكل شيء واضح: يا الصافية، أرحكي معاي للحفيرة نونسو «نحكي»، أنا ما قادر أنوم، شايفة القمرة بيضا كيف؟
تثاءب صديقي، شرب كوبا من الماء كان على الترابيزة جنبه، قفز على تفاصيل كثيرة كثيرة كثيرة، تحدث عما رآه فقط مهما، قال: إنها أصرت على أن تحكي تفاصيل تفاصيل ما حدث بينها وود فور، ربما يكون هو الشخص الوحيد في الدنيا الذي يفهمها، إنها لم تحكها لأي كان من قبل، ما من أحد طلب منها ذلك، اكتفى الجميع بالإشاعة، قالت له بألم: أنا تعبت، تعبت من الحكاية دي، عليك الله اسمعها كلها وما تزهج، وغرقت في التفاصيل، التفاصيل، التفاصيل، أكدنا له، أنا ومختار علي أنه ليس مطالبا بأن يختصر، فالليل طويل، ونحن ليس لدينا ما نفعله بما يتبقى منه: خذ راحتك، قال: قالت له: مشينا الحفير، طلعنا فوق الدولة، كان ذلك المكان هو الوحيد الذي لم ينم به عشب الخريف، هي تخاف من الثعابين حصرا، ولا تخاف شيئا آخر، طمأنها بأنه يمتلك ضامن عشرة مجرب، وأراها له مربوطا بصورة محكمة على ذراعه اليسرى، سويا مع سكينته، فرشا برشا صغيرا أتيا به، قالت لي فجأة، وقد علا شهيقها وزفيرها: قام جاري؟
قال لها مندهشا: منو؟
قالت وهي تمسك بيده بشفقة: ود فور، قام جاري «هرب» مني. - ليه؟
سأل محتجا.
قالت بصوت عميق مخنوق بعبرة مرة: جرى مني أنا، جرى ود فور.
ثم هدأت قليلا وهي تقول: كنت عايزاه، وبدأنا كل شيء، في الحقيقة كنت في حالة قريبة من الغيبوبة، ولكنه قام جاري، فجأة جرى زي المجنون.
Página desconocida