Colección de Ensayos
جامع الرسائل
Investigador
د. محمد رشاد سالم
Editorial
دار العطاء
Número de edición
الأولى ١٤٢٢هـ
Año de publicación
٢٠٠١م
Ubicación del editor
الرياض
فَلَمَّا تَابَ هَذَا الشَّيْخ وَصَارَ يُصَلِّي ويصوم ويجتنب الْمَحَارِم ذهب الْكَلْب الْأسود وَذهب التَّغْيِير فَلَا يَأْتِي بلاذن وَلَا غَيره.
وَشَيخ آخر كَانَ لَهُ شياطين يرسلهم يصرعون بعض النَّاس، فَيَأْتِي أهل ذَلِك المصروع إِلَى الشَّيْخ يطْلبُونَ مِنْهُ إبراءه، فَيُرْسل إِلَى أَتْبَاعه فيفارقون ذَلِك المصروع، ويعطون ذَلِك الشَّيْخ دَرَاهِم كَثِيرَة. وَكَانَ أَحْيَانًا تَأتيه الْجِنّ بِدَرَاهِم وَطَعَام تسرقه من النَّاس، حَتَّى أَن بعض النَّاس كَانَ لَهُ تين فِي كوارة فيطلب الشَّيْخ من شياطينه تينًا فيحضرونه لَهُ، فيطلب أَصْحَاب الكوارة التِّين فوجدوه قد ذهب.
وَآخر كَانَ مشتغلًا بِالْعلمِ وَالْقِرَاءَة فَجَاءَتْهُ الشَّيَاطِين أغوته وَقَالُوا لَهُ: نَحن نسقط عَنْك الصَّلَاة ونحضر لَك مَا تُرِيدُ. فَكَانُوا يأتونه بالحلوى أَو الْفَاكِهَة، حَتَّى حضر عِنْد بعض الشُّيُوخ العارفين بِالسنةِ فاستتابه، وَأعْطى أهل الْحَلَاوَة ثمن حلاوتهم الَّتِي أكلهَا ذَلِك الْمفْتُون بالشيطان.
فَكل من خرج عَن الْكتاب وَالسّنة وَكَانَ لَهُ حَال من مكاشفة أَو تَأْثِير فَإِنَّهُ صَاحب حَال نفساني أَو شيطاني، وَإِن لم يكن لَهُ حَال بل هُوَ يتشبه بأصحاب الْأَحْوَال فَهُوَ صَاحب حَال بهتاني. وَعَامة أَصْحَاب الْأَحْوَال الشيطانية يجمعُونَ بَين الْحَال الشيطاني وَالْحَال البهتاني، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ [سُورَة الشُّعَرَاء: ٢٢١]، ٢٢٢] .
والحلاج كَانَ من أَئِمَّة هَؤُلَاءِ، أهل الْحَال الشيطاني وَالْحَال البهتاني، وَهَؤُلَاء طوائف كَثِيرَة. فأئمة هَؤُلَاءِ هم شُيُوخ الْمُشْركين الَّذين يعْبدُونَ الْأَصْنَام، مثل الْكُهَّان والسحرة الَّذين كَانُوا للْعَرَب الْمُشْركين، وَمثل الْكُهَّان والسحرة الَّذين هم بِأَرْض الْهِنْد وَالتّرْك وَغَيرهم. وَمن هَؤُلَاءِ من إِذا مَاتَ لَهُم ميت يَعْتَقِدُونَ أَنه يَجِيء بعد الْمَوْت يكلمهم وَيَقْضِي دُيُونه وَيرد ودائعه ويوصيهم بوصايا، فَإِنَّهُم
1 / 194