المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال (١) والدي ﵀ ومن خطه نقلت:
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب والحكمة، وأرسله للعالمين رحمة، فمن قبلها فيالها من نعمة، ومن ردها وبدلها صارت الرحمة نقمة، أحمده على أن جعلنا من خُدام السُنة، القائدة لخادمها إلى سبيل الجنة، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه باقيًا على الدوام، ما تعاقبت الليالي والجُمعُ والشهور والأعوام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ولد له ولا صاحبة من الأنام، صلاة مُبوئة قائلها - مخلصًا - دار السلام ومزحزحةً. معتقدها عن النار ذات الآلام، ومبيضة وجه قائلها يوم تبيضُّ وجوه المؤمنين وتسود وجوه الكافرين اللئام.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وحبيبه وخليله سيد ولد آدم في الدارين، ورسول الله إلى الثقلين، المبعوث من الحرمين إلى مَنْ بين الخافقين، خاتم النبيين، وإمام المتقين، ومختار رب العالمين، وسيد المرسلين، الذي لا نبي بعده ولا رسول، الدائم الشريعة، فلا تحول ولا تزول، فصلوات الله تعالى وسلامه الأتمان الأكملان الأدْوَمان المستمران إلى يوم نصب الميزان، وبروز النيران، وتزخرف الجنان، على سيدنا محمد النبي الأمي العربي القرشي الهاشمي المكي الأبْطحي (٢)
ثم المدني،
_________
(١) قال ذلك هو محمد بن إسماعيل بن عمر بن كثير وهو ابن مؤلف الكتاب ويرجع إلى ما كتبناه عنه مما قدمناه من ترجمة والده رحمه الله تعالى.
(٢) الأبطحي: نسبة إلى بطحاء مكة وهو مسيل واديها، وهو مابين مكة ومنى، ومبتدؤه المحصب والمراد أنه ﵊ من أكرم بطون قريش. فقد كانت قريش قسمين: قريش البطاح الذين ينزلون أباطح مكة وبطحاءها. وقريش الظواهر الذين ينزلون حول مكة. قال الشاعر:
... فلو شهدتني من قريش عصابة ... قريش البطاح لا قريش الظواهر
قال ابن الأعرابي: قريش البطاح هم الذين ينزلون الشعب بين أخشبي مكة. وقريش الظواهر الذين ينزلون خارج الشعب وأكرمهما قريش البطاح. سبل الهدى والرشاد ١/٥١٦.
1 / 55