El Recopilador de los Preceptos del Corán
الجامع لاحكام القرآن
Investigador
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
Editorial
دار الكتب المصرية
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
Ubicación del editor
القاهرة
مَا يُعْطِي لِقَارِئِ أُمِّ الْقُرْآنِ، إِذِ اللَّهُ بِفَضْلِهِ فَضَّلَ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ، وَأَعْطَاهَا مِنَ الْفَضْلِ عَلَى قِرَاءَةِ كَلَامِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى غَيْرَهَا مِنَ الْفَضْلِ عَلَى قِرَاءَةِ كَلَامِهِ، وَهُوَ فَضْلٌ مِنْهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ. قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (أَعْظَمُ سُورَةٍ) أَرَادَ بِهِ فِي الْأَجْرِ، لَا أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ. وَقَالَ قَوْمٌ بِالتَّفْضِيلِ، وَأَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى" وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ" [البقرة: ١٦٣] وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ، وَآخِرُ سُورَةِ الْحَشْرِ، وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ مِنَ الدَّلَالَاتِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَصِفَاتِهِ لَيْسَ مَوْجُودًا مثلا في" تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ" [المسد: ١] وَمَا كَانَ مِثْلَهَا. وَالتَّفْضِيلُ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَعَانِي الْعَجِيبَةِ وَكَثْرَتِهَا، لَا مِنْ حَيْثُ الصِّفَةِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ. وَمِمَّنْ قَالَ بِالتَّفْضِيلِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ «١» وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ وَابْنِ الْحَصَّارِ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى وَحَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يَا أُبَيُّ أَيُّ آيَةٍ مَعَكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَعْظَمُ) قال فقلت:" اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ" [البقرة: ٢٥٥]. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: (لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. قَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: عَجَبِي مِمَّنْ يَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ مَعَ هَذِهِ النُّصُوصِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَوْلُهُ: (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الْقُرْآنِ مِثْلَهَا) وَسَكَتَ عَنْ سَائِرِ الْكُتُبِ، كَالصُّحُفِ الْمُنَزَّلَةِ وَالزَّبُورِ وَغَيْرِهَا، لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَةَ أَفْضَلَهَا، وَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ أَفْضَلَ الْأَفْضَلِ، صَارَ أَفْضَلَ الْكُلِّ. كَقَوْلِكَ: زَيْدٌ أَفْضَلُ الْعُلَمَاءِ فَهُوَ أَفْضَلُ النَّاسِ. وَفِي الْفَاتِحَةِ مِنَ الصِّفَاتِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهَا، حَتَّى قِيلَ: إِنَّ جَمِيعَ الْقُرْآنِ فِيهَا. وَهِيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ كَلِمَةً تَضَمَّنَتْ جَمِيعَ عُلُومِ الْقُرْآنِ. وَمِنْ شَرَفِهَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَسَّمَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِهِ، وَلَا تَصِحُّ الْقُرْبَةُ إِلَّا بِهَا، وَلَا يَلْحَقُ عَمَلٌ بِثَوَابِهَا، وَبِهَذَا المعنى صارت أم القرآن العظيم،
(١). ضبطه ابن خلكان فقال: (بفتح الراء بعد الالف هاء ساكنة ثم واو مفتوحة وبعدها ياء مثناة من تحتها ساكنة وبعدها هاء ساكنة، وقيل فيها أيضا: راهويه بضم الهاء وسكون الواو وفتح الياء.
1 / 110