Jamic Latif
الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف
Géneros
أنه دخان قريش هذا. والصحيح أنه دخان يأتى من السماء قبل يوم القيامة يدخل فى أسماع الكفرة حتى يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ. ويعترى المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص، كذا فى «المدارك» والحنيذ المشوى على حد قوله تعالى: جاء بعجل حنيذ (سورة هود: 69) والخصاص: الخلل. يقال للفرج التى بين الأثافى خصاص. كذا فى «الصحاح».
وعنه (صلى الله عليه وسلم) أن أول آيات الساعة الدخان وأنه يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين ليلة، أما المؤمن فيصيبه كهيئة الزكام، وأما الكافر فيخرج من منخريه وأذنيه ودبره.
وقوله: كانت آمنة أى من القتل والسبى، وقوله: مطمئنة لا يزعجها خوف، لأن الطمأنينة مع الأمن والانزعاج والقلق مع الخوف، وقوله: يأتيها رزقها رغدا أى واسعا، وقوله من كل مكان أى من كل بلد على حد قوله تعالى: يجبى إليه ثمرات كل شيء (سورة القصص: 57) ومعنى الكلية: الكثرة. كقوله: وأوتيت من كل شيء (سورة النمل: 23) وقال تعالى مخاطبا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها (سورة النمل: 91) قال المفسرون: معناه قل يا محمد إنما أمرت أن أخص الله تعالى بعبادتى وتوحيدى الذى هو رب هذه البلدة يعنى مكة المشرفة. وخصها بالذكر دون غيرها لأنها مضافة إليه وأحب البلاد وأكرمها عليه، وأشار إليها إشارة تعظيم لأنها موطن بيته ومهبط وحيه. ومعنى حرمها، يعنى جعلها حراما آمنا لا يسفك فيه دم ولا يظلم فيه أحد، وقال تعالى: لا أقسم بهذا البلد (1) وأنت حل بهذا البلد (سورة البلد: 1، 2) وقال تعالى: وهذا البلد الأمين (سورة التين: 3) المراد مكة لأمن الناس فيها جاهلية وإسلاما.
ومعنى القسم به فى الموضعين التنويه بشأنه والإبانة عن شرفه لما أنه مكان البيت الذى هو هدى للعالمين ومولد سيد المرسلين ومبعث خاتم النبيين.
وقال تعالى: وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا (سورة القصص: 57) قال المفسرون: المراد مكة، وسبب نزولها أن الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف قال للنبى (صلى الله عليه وسلم): إنا لنعلم أن ما تقوله حق ولكن نخشى إن اتبعناك على دينك أن تخرجنا العرب من أرضنا يعنى مكة.
Página 138