Tafsir al-Tabari
جامع البيان في تفسير القرآن
فلا مزنة ودقت ودقها
ولا أرض أبقل إبقالها
وكما قال أعشى بني ثعلبة:
فإما تري لمتي بدلت
فإن الحوادث أزرى بها
وقال بعضهم: السماء وإن كانت سماء فوق سماء، وأرضا فوق أرض، فهي في التأويل واحدة إن شئت، ثم تكون تلك الواحدة جماعا، كما يقال: ثوب أخلاق وأسمال، وبرمة أعشار للمتكسرة، وبرمة أكسار وأجبار، وأخلاق: أي أن نواحيه أخلاق. فإن قال لنا قائل: فإنك قد قلت: إن الله جل ثناؤه استوى إلى السماء وهي دخان قبل أن يسويها سبع سموات، ثم سواها سبعا بعد استوائه إليها، فكيف زعمت أنها جماع؟ قيل: إنهن كن سبعا غير مستويات، فلذلك قال جل ذكره: فسواهن سبعا: كما: حدثني محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، قال: قال محمد بن إسحاق: كان أول ما خلق الله تبارك وتعالى: النور والظلمة، ثم ميز بينهما فجعل الظلمة ليلا أسود مظلما، وجعل النور نهارا مضيئا مبصرا، ثم سمك السموات السبع من دخان يقال والله أعلم من دخان الماء حتى استقللن ولم يحبكهن، وقد أغطش في السماء الدنيا ليلها وأخرج ضحاها، فجرى فيها الليل والنهار، وليس فيها شمس ولا قمر ولا نجوم، ثم دحى الأرض، وأرساها بالجبال، وقدر فيها الأقوات، وبث فيها ما أراد من الخلق، ففرغ من الأرض وما قدر فيها من أقواتها في أربعة أيام.
ثم استوى إلى السماء وهي دخان كما قال فحبكهن، وجعل في السماء الدنيا شمسها وقمرها ونجومها، وأوحى في كل سماء أمرها، فأكمل خلقهن في يومين. ففرغ من خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثم استوى في اليوم السابع فوق سمواته، ثم قال للسموات والأرض:
ائتيا طوعا أو كرها
[فصلت: 11] لما أردت بكما، فاطمئنا عليه طوعا أو كرها، قالتا:
أتينا طآئعين
Página desconocida