Tafsir al-Tabari
جامع البيان في تفسير القرآن
[الزخرف: 55] وكما قال:
قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير
[المائدة: 60] وقال بعضهم: غضب الله على من غضب عليه من عباده ذم منه لهم ولأفعالهم، وشتم منه لهم بالقول. وقال بعضهم: الغضب منه معنى مفهوم، كالذي يعرف من معاني الغضب. غير أنه وإن كان كذلك من جهة الإثبات، فمخالف معناه منه معنى ما يكون من غضب الآدميين الذين يزعجهم ويحركهم ويشق عليهم ويؤذيهم لأن الله جل ثناؤه لا تحل ذاته الآفات، ولكنه له صفة كما العلم له صفة، والقدرة له صفة على ما يعقل من جهة الإثبات، وإن خالفت معاني ذلك معاني علوم العباد التي هي معارف القلوب وقواهم التي توجد مع وجود الأفعال وتعدم مع عدمها. القول في تأويل قوله تعالى: { ولا الضالين }. قال أبو جعفر: كان بعض أهل البصرة يزعم أن «لا» مع «الضالين» أدخلت تتميما للكلام والمعنى إلغاؤها، ويستشهد على قيله ذلك ببيت العجاج:
في بئر لا حور سرى وما شعر
ويتأوله بمعنى: في بئر حور سرى، أي في بئر هلكة، وأن «لا» بمعنى الإلغاء والصلة. ويعتل أيضا لذلك يقول أبي النجم:
فما ألوم البيض أن لا تسخرا
لما رأين الشمط القفندرا
وهو يريد: فما ألوم البيض أن تسخر. وبقول الأحوص:
ويلحينني في اللهو أن لا أحبه
وللهو داع دائب غير غافل
Página desconocida