Tafsir al-Tabari
جامع البيان في تفسير القرآن
[الصافات: 147] وكقول الله جل ذكره:
وإنآ أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين
[سبأ: 24] فهو عالم أي ذلك كان. قالوا: ونظير ذلك قول القائل: أكلت بسرة أو رطبة، وهو عالم أي ذلك أكل ولكنه أبهم على المخاطب، كما قال أبو الأسود الدؤلي:
أحب محمدا حبا شديدا
وعباسا وحمزة والوصيا
فإن يك حبهم رشدا أصبه
ولست بمخطىء إن كان غيا
قالوا: ولا شك أن أبا الأسود لم يكن شاكا في أن حب من سمى رشد، ولكنه أبهم على من خاطبه به. وقد ذكر عن أبي الأسود أنه لما قال هذه الأبيات قيل له: شككت؟ فقال: كلا والله ثم انتزع بقول الله عز وجل
وإنآ أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين
[سبأ: 24] فقال: أو كان شاكا من أخبر بهذا في الهادي من الضلال من الضلال؟ وقال بعضهم: ذلك كقول القائل: ما أطعمتك إلا حلوا أو حامضا، وقد أطعمه النوعين جميعا. فقالوا: فقائل ذلك لم يكن شاكا أنه قد أطعم صاحبه الحلو والحامض كليهما، ولكنه أراد الخبر عما أطعمه إياه أنه لم يخرج عن هذين النوعين. قالوا: فكذلك قوله: { فهي كالحجارة أو أشد قسوة } إنما معناه: فقلوبهم لا تخرج من أحد هذين المثلين إما أن تكون مثلا للحجارة في القسوة، وإما أن تكون أشد منها قسوة. ومعنى ذلك على هذا التأويل: فبعضها كالحجارة قسوة، وبعضها أشد قسوة من الحجارة. وقال بعضهم: «أو» في قوله: { أو أشد قسوة } بمعنى: وأشد قسوة، كما قال تبارك وتعالى:
Página desconocida