============================================================
وبعين عنايته ملحوظا ومحروسا، وبينما أنا في غصص الزمان أتجرع مراثرها فيه آنا فآن، لما أنا فيه من زمان اندرست فيه المعالم وهوت اا روقها، وفشت الجهالة وقامت على سوقها سوقها، لم يزل متجر العلم فيه على كساد وبضاعة الجهل على نفاق وازدياد، فطورا أعاتب دهري الخوون، وأبث ما لدي من الشجون، وطورا يلي تفسي عما أنا فيه بأن عسى أن لا ألاقي زمنا يكون حاله خيرا من ماضيه، وإذا بطارق يطرق الباب، فقلت: من هذا فقال في الجواب، خخادم سلالة الأطياب، خلاصة الأنجاب، النقيب العالي الجناب، الواسع الرحاب، أرسلني يدعوك إلى نادية المتطاب، ومجمعه الجامع لأولي الألباب، فأجبته وشددت المثزر، اال وسرت وقد أحاطست بي الفكر، إلى أن حضرت في ذلك المحضر، فتشرفت بناديه، وشملتني أياديه، وبادر إلي بالإكرام والاحترام، وأقعدني مقعدا لم اكن أهلا له في ذلك المتام، ولا بدع إذ هو الموروث له من آبائه الكرام، فإنه من بيت شرف من الفضل برز، وكم لجأ إليه الذليل فعز ثم بعد استقراري، وغب زوال آفكاري، ناولني كتابا، وشافهني خطابا، وقال: إن هذا الكتاب في بابه من أعجب العجاب، حوى تراجم الوجوه والاعيان، وحاز مآثر غرر نواصي الزمان، من الأصفياء والأولياء المدفونين في بغدان، ومن يتبع قضاءها من البلدان، إلا أنه تركي البيان، لا يجتني كباس(2) غرائره عربي اللسان، ولا يتنشق أتفاس نفائسه من ليس له بلغة الترك عرفان، فالمأمول أن تترجمه بلسان العرب لتعم فوائده جميع أهل الأدب، ولا تكون خالصته للأتراك لا غير، وليتع لك ولنا بذلك ذكر جميل وأثر خير، ولما انتهى كلامه، وتبين مرامه، أطرقت مليا، وقلت في نفسي خفيا، هو مني مناط الثريا، وما للبديجي والبيان، فإنه أعجمي الطبع واللسان فرفعت رأسي، وأظهرت ما في نفسي، معتذرا بأني لم اكن من فرسان هذا الميدان وبتصاغري عن رتبة الترجمان، مع ما بي من تفرق (1) الكباسة: بالكسر - العذق التام بشماريخه ورطيه ومته حديث علي (رضر: كباس اللؤلو الرطب لسان العرب: 213/3.
Página 24