============================================================
أرضاهم لخالقي، قال: فأيهم أرضى للخالق؟ قال: علم ذلك عند الله الذي يعلم سرهم ونجواهم، قال: فما بالك لا تضحك؟ قال: أيضحك مخلوق من طين، والطين تأكله النار؟ قال: فما بالنا نضحك، قال: لم تستو القلوب، قال ثم أن الحجاج أمر باللؤلؤ والزيرجد والياقوت وغير ذلك من الجواهر فوضعت بين يدي سعيد بن جبير، قال سعيد، إن كنت جمعت هذا لتفتدي به من فزع يوم القيامة فصالح وإلا ففزعة واحدة من فزع يوم القيامة تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، ولا خير في شيء جمع من الدنيا إلا ما طاب وزكى، ثم دعا الحجاج بآلات اللهر فضربت بين يدي سعيده فبكى سعيد، فقال الحجاج ويلك يا سعيد، فقال سعيد، الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار، فقال الحجاج: يا سعيد أي قتلة تريد أن أقتلك بها، قال: اختر لنفسك يا حجاج، فوالله لا تقتلني قتلة إلا قتلك الله مثلها في الآخرة، قال: أفتريد أن أعفر عنك، قال: إن كان العفو من الله فنعم وأما منك فلا، فقال: اذهبوا به فاقتلوه، فلما خرج من الباب فضحك، قاخبر الحجاج بذلك فأمر برده، قال: ما أضحكك وقد بلغني أن لك أربعين سنة لم تضحك؟ قال: ضحكت عجبا من جريثتك على الله تعالى ومن حلمه عليك، فأمر بالنطع فبسط بين يديه، فقال: أقتلوه فقال سعيد كل نفس ذائقة الموت ثم قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، قال: وجهوه لغير القبلة قال سعيد، فأينما تولوا فثم وجه الله، قال: كبوه لوجهه. فقال سعيد: منها خلقناكم وفيها تعيدكم ومنا نخرجكم تارة أخرى، قال: اذبحوه، فقال سعيد، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم قال: اللهم لا تسلطه على حد من بعدي، فذبح على النطع فكانت رأسه تقول بعد قطعها: لا إله إلا الله مرارا وذلك في شعبان سنة خمس وتسعين، وكان عمر سعيد تسعا ال واربعين منة، وعاش الحجاج خمس عشرة ليلة، ولم يسلط على أحد بعده، ولما بلغ الحسن البصري قتل سعيد بن جبير قال: اللهم أنت على فاسق ثقيف رقيب ، والله لو أن أهل الأرض من المشرق إلى المغرب
Página 200