Jamic
جامع أبي الحسن البسيوي جديد
فأما من أقر بالإسلام ثبت له وعليه حكمه فيما أقر به، قال الله تعالى: {قالت الأعراب آمنا}، قال الله لمحمد ^: {قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}، فذكر إسلامهم بالإقرار الذي به جرت الأحكام، ولو كان إنما هو ذكر إسلامهم الذي هو عند الله لم ينفعهم من الإيمان؛ لأن الإيمان هو الإسلام، فأخبر أن إقرارهم لاحق لهم اسم الإيمان إلا بالصدق، فلو كانت الأحكام لا تجري على أهل الإقرار إلا لمن ثبت له اسم الإيمان ، ووصلت له ولاية المسلمين لم يجز لهما، ولا المقرين بغير صدق فيرد إقرارهم، ولا من نافق بعد ذلك، إذ نفاهم الله من اسم الإيمان، وخلعهم من ولايته لتركهم ما أمروا به، ولركوبهم ما نهوا عنه.
ألا ترى أن الذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين، والذين قالوا: إلا تنفروا فلم يسمهم الله مشركين، ولم يثبت لهم الإيمان ولا الولاية.
أولا ترى إلى الذين تخلفوا عن نبي الله ورغبوا بأنفسهم عن نفسه، ولم يعلموا بكفرهم حتى جاءت نسبتهم من الله {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا}. /175/ ولم يسمهم مشركين فأوجب عليهم الأحكام، وقد نهى الله نبيه عن الصلاة عليهم، وقال لنبيه: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره}، وقال لنبيه: {لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}، فسماهم الله كفرة ومنافقين، ولم ينسبهم إلى الشرك، ولم يثبت لهم الإيمان والولاية إلا بعد التوبة.
فمن أثبت الولاية للمنافقين ضل، ومن سماهم مشركين أخطأ -أيضا- الحكم، وقد كان هذا ظاهرا يعلم علانية.
Página 241