قيل له: إن كان الإمام إمام هدى، والإسلام /150/ ظاهر يدعى إليه في المساجد، ويخطب به على المنابر، ويبرأ ممن خالفه، ولا يأمن أحد من الناس على إظهار خلافه، فيدعو إلى الدعوة الأولى التي لم يكن عندها حدث ظاهر.
وأما إذا كان الكفر ظاهرا يدان به علانية، ويدعى إليه في المساجد وعلى المنابر، فالدعوة لهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، والإقرار بما جاء من الله، ومعرفة كفر المستحلين المظهرين لدعوة الكافرين، والولاية للمسلمين على ذلك.
فإن قال قائل: فهذا جميع ما لا يسع جهله؟
قيل له: لا، ولكن نتولى جميع من سمعنا منه ذلك، ما لم نسمع منه جهلا لما لا يسع جهله، كما كان النبي ^ يتولى من سمع منه ذلك ما لم يسمع منه غير ذلك، مما لا يسع جهله على كل حال.
ولو كان الناس لا يسلمون عند النبي ^ حتى يظهر منهم فعل كل خصلة لا يسع جهلها لكان النبي ^ يوقف الناس على دعوته في جميع صفات الله، وجميع ذلك مما لا يسع جهله.
فمن عاب علينا ما قد وصفنا سألناه عن الإمام إذا أحدث واستحل ما حرم الله، وحرم ما أحل الله بالتأويل، واستحل نكاح الأمهات والأخوات لقول الله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء}، واستحل نكاح البهائم والغلمان والرجال من العبيد لقول الله: {إلا ما ملكت أيمانكم}، واستحل الميتة والدم ولحم الخنزير، وأكل أموال الناس ظلما لقول الله: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات}، واستقبل غير القبلة لقول الله: {فأينما تولوا فثم وجه الله}، وترك الصلوات الخمس؛ لأنها ليست في كتاب الله، وكذب بالرجم وقطع اليد والرجل.
Página 208