197

Jamic

جامع ابن بركة ج1

Géneros

وقد أمر الله تعالى باجتناب الخبائث، وأوجب إزالة النجاسات عن الأبدان والثياب للصلاة، لئلا يقربها المخاطب بها إلا بعد طهارته، فالواجب على المتعبد إزالتها، وقد عرفنا أن الماء طهور يعني مطهرا. فهو مطهر لنا لقول الله جل ذكره: ? { وأنزلنا من السماء ماء طهورا } (¬1) . وقوله: { ليطهركم به } (¬2) ، وعلى من ادعى غيره إقامة الدليل، والوضوء من المذي واجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (الوضوء من المذي والغسل من المني) (¬3) ، فالطهارة واجبة منه باتفاق الأمة. وقد روي عن سعيد بن المسيب أنه قال: "لو جرى فسال على فخذي لم أقطع منه الصلاة". وسنة النبي صلى الله عليه وسلم قاضية عليه، والنوم مع الاضطجاع ينقض الوضوء لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الوضوء على من نام مضطجعا) (¬4) ، وروي ذلك عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو موسى الأشعري لا يرى النوم ينقض الطهارة على كل حال، ومن طريق ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد فنام، حتى غط فنفخ، فقام فصلى، فقلت: يا رسول الله قد نمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما الوضوء على من نام مضطجعا) (¬5) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (العينان وكاء السه) (¬6) ، والوكاء هو الخيط الذي يشد به رأس القربة، فجعل صلى الله عليه وسلم العينين وكاء الدبر من طريق المجاز، وأن السه في اللغة هي حلقة الدبر على ما يرى العرب. ويسمى أصل كل شيء السه، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الوكاء حيث قال في اللقطة: أعرف عقاصها ووكاءها.

¬__________

(¬1) الفرقان: 48.

(¬2) الأنفال: 11.

(¬3) متفق عليه.

(¬4) رواه مسلم والبيهقي وابن حبان.

(¬5) رواه مسلم والبيهقي وابن حبان.

(¬6) رواه أبو داود والبيهقي.

Página 197