185

Jamic

جامع ابن بركة ج1

Géneros

? وأما مسح المرفقين فقد تقدم ذكرنا له فيما فيه الكفاية إن شاء الله، وتنازع الناس في مسح الرأس، فقال قوم: يمسح جميعه، وقال آخرون: الربع، وقال آخرون:الثلث، وقال آخرون: بالناصية، وقال آخرون: أقل ما يقع عليه اسم ماسح. وتنازعوا أيضا في الاستنشاق، فقال قوم: واجب ولا يصح اسم الطهارة إلا به، واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: (إذا استنشقت فأبلغ إلا أن تكون صائما) (¬1) ، قالوا: والأوامر على الوجوب؛ وقال قوم: غير واجب. واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم للسائل عن الطهارة: (توضأ كما أمر الله) (¬2) ، فرد ذلك إلى القرآن، والذي يوجبه النظر عندي أن الطهارة لا تتم إلا به لقول النبي عليه السلام للقيط بن صبرة، وقوله لغير لقيط: (إذا توضأت فضع في أنفك ماء ثم استنشق) (¬3) ، والاستنشاق واجب بالسنة كوجوب سائر الأعضاء بالقرآن، قال الله جل ذكره: { ?فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } (¬4) ؛ وقوله تعالى: { ?من يطع الرسول فقد أطاع الله } (¬5) ، وقال: { ?وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } (¬6) ، ولو صح اعتراض المعترض لقول الرسول عليه السلام: (توضأ كما أمرك الله) يوجب زوال وجوب الاستنشاق، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر به وفعله لكان قول من تعمد على هذا المذهب، ويقول به يرى إجازة المسح على الخفين بالسنة التي ذكرها لكان مسح الخفين أيضا باطلا عنده على مذهبه، وبالله التوفيق.

¬__________

(¬1) رواه ابن حبان وأبو داود.

(¬2) رواه مسلم وأبو داود.

(¬3) متفق عليه.

(¬4) النساء: 65.

(¬5) النساء: 80.

(¬6) النجم: 3.

Página 185