Colección de Artículos y Cartas del Jeque Imán Muhammad Tahir Ibn Ashur

Muhammad Tahir Ibn Ashur Tunisi d. 1393 AH
90

Colección de Artículos y Cartas del Jeque Imán Muhammad Tahir Ibn Ashur

جمهرة مقالات ورسائل الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور

Editorial

دار النفائس للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Ubicación del editor

الأردن

Géneros

وقد كان حديث جابر هذا من أعظم الحجج على بطلان مقالة الخوارج. ولذلك لَمَّا حدَّث به عصابةَ يزيد الفقير التي عزمت على الخروج على الناس تبعًا للخوارج، علمت تلك العصابةُ صدقَ ذلك الصحابي الشيخ. قال يزيد الفقير: "فرجعنا. فلا والله! ما خرج منا غير رجل واحد". ووافقهم المعتزلةُ على ذلك مع اختلاف الدليل؛ وذلك أن المعتزلة يقولون بخلود مرتكبِ الكبيرة في النار إذا لم يتب، ولا يجوِّزون المغفرةَ له؛ لأن الإحسانَ للمسيء والإساءةَ للمحسن قبيحٌ يستحيل صدورُه من الله تعالى، وتأولوا ما ورد في الشفاعة بأنها شفاعةٌ لرفع الدرجات في الجنة. ومذهبُنا - معاشرَ أهل السنة - أن الشفاعةَ ثابتة؛ وسبيلُنا في ذلك أنها جائزة، وأنها ليست بقبيح، وأن الصفح عن بعض عقاب المذنب ليس بقبيح. وأدلتُنا السمعيةُ واضحةٌ من الكتاب والسنة، ومحملُ آيات نفي الشفاعة على الكفار بقرينة قوله: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (١٨)﴾ [غافر: ١٨]؛ لأن اصطلاح القرآن في الظلم أنه الشرك، قال تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣)﴾ [لقمان: ١٣]، وقال: ﴿وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩)﴾ [الأنبياء: ٢٩]، ونظائرُ ذلك كثيرة. واعلم أن الشفاعةَ التي ينكرها هؤلاء هي الأقسامُ الثاني والرابع، ولم ينكروا الشفاعةَ للإراحة من هَوْلِ الموقف ولا الشفاعةَ من رفع الدرجات، كما حققه عياض ﵀ في الإكمال. (١)

(١) اليحصبي: إكمال المعلم، ج ١، ص ٤٢٦ - ٤٢٧ و٤٣٨. وقارن بما قاله ابن العربي: المسالك، ج ٦، ص ٣٠٢ - ٣٠٣.

1 / 95