53

Colección de Artículos y Cartas del Jeque Imán Muhammad Tahir Ibn Ashur

جمهرة مقالات ورسائل الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور

Editorial

دار النفائس للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Ubicación del editor

الأردن

Géneros

بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ [التغابن: ٧ - ٩]. وقد قال أئمةٌ من المفسرين: إن عادة القرآن أنه يريد بالذين كفروا، متى ذكر في القرآن المشركين من قريش. (١) وقوله: ﴿قُلْ بَلَى﴾ كلمة "بلى" فيه إبطالٌ للنفي الواقع في قوله: ﴿لَنْ يُبْعَثُوا﴾، فإنها حرف يفيد عكسَ معنى "نعم"، ويقع بعد النفي في الاستفهام وفي الخبر. وقوله: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ﴾ ظرفٌ متعلق بقوله: ﴿لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ﴾، ويجوز أن يتعلق بقوله ﴿لَتُبْعَثُنَّ﴾ باعتبار عطف قوله: ﴿ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ﴾ عليه، أي: يبعثكم فينبئكم يوم يجمعكم ليوم الجمع؛ لأن البعث حاصلٌ قبل الجمع. وقوله: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ إلخ. جملة معترضة بين الفعل والظرف، و"يوم الجمع" يوم القيامة. وقوله: ﴿ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ جاء فيه اسمُ الإشارة للبعيد لتهويله ولفت العقول إليه، فلذلك عدل عن وصفه بيوم بعده فلم يقل: ليوم الجمع يوم التغابن، لئلا يفوت معنى الحصر المقصود، وسيُعلم ما فيه من النكتة. وجملة ﴿ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ جملةٌ إسمية معرفة الجزءين، فكان حقُّها أن تفيدَ الحصر، أي: هو يوم التغابن وليس غيره من الأيام يومَ التغابن. ومعنى هذا الحصر

(١) أخرج الواحدي بسنده عن شعبة بن الحجاج عن سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: "كل شيء نزل فيه ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ﴾ فهو مكي، و﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فهو مدني". ثم قال: "يعني أن ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ﴾ خطاب أهل مكة". النيسابوري، أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي: أسباب النزول، تحقيق عصام بن عبد المحسن الحميدان (الدمام: دار الإصلاح، ط ٢، ١٤١٢/ ١٩٩٢)، ص ٢٢. على أن هذا ليس مطردًا، وخاصة بالنسبة للسور المدنية، فهناك العديد منها يشتمل على آيات جاء الخطاب فيها بعبارة ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ﴾، كما في البقرة والنساء والحج والحجرات.

1 / 58