Reunión de medios en explicación de las características
جمع الوسائل في شرح الشمائل ط المطبعة الأدبية
Editorial
المطبعة الشرفية - مصر
Ubicación del editor
طبع على نفقة مصطفى البابي الحلبي وإخوته
Géneros
Biografía del Profeta
كَالْمُبَيِّنِ لِلْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَبْيَضُ مَقْبُولٌ غَايَةَ الْقَبُولِ فَلَا يُنَافِي نَفْيَ الْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ - كَمَا سَبَقَ - وَهَذَا مَعْنَى مَا وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ «شَدِيدُ الْوَضَحِ»، وَفِي أُخْرَى «شَدِيدُ الْبَيَاضِ»، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ أَنَّهُ كَانَ مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي رِوَايَةٍ مَرَّتْ بِالسُّمْرَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْبَيَاضُ الْخَالِصُ مُخْتَصًّا بِمَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الشَّمْسُ مِنْ تَوَلُّدِ الْحَرَارَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِكَثْرَةِ الدَّمِ النَّاشِئِ عَنْهَا الْحُمْرَةُ فَيَكُونُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ حُمْرَتَهُ غَيْرُ ذَاتِيَّةٍ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَكُنْ أَمْهَقَ وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُشَبَّهُ بِالْجَصِّ الْمَكْرُوهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْبَيَاضُ ثَابِتٌ فِي لَوْنِهِ ﷺ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَالْآثَارُ الصَّرِيحَةُ، وَهُوَ مَمْدُوحٌ عِنْدَ الْكُلِّ وَلَا عِبْرَةَ بِالسَّوَادِ حَيْثُ إِنَّهُمْ لَا يَمِيلُونَ إِلَى الْبَيَاضِ لِعَدَمِ الْمُنَاسَبَةِ الْجِنْسِيَّةِ، وَالْعِبْرَةُ بِالْأَكْثَرِ بَلْ بِمَا وَرَدَ فِي وَصْفِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ)، وَقَوْلُهُ: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ)، (وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ)، وَ(كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ): أَيْ مَصُونٌ عَنِ الْغُبَارِ وَالْوَسَخِ وَالِاسْتِعْمَالِ، وَمَا أَبْعَدَ مَنْ خَصَّ الْبَيْضَ بِالنَّعَامِ وَأَخَذَ مِنْهُ الصَّفَارَ الْمُنَاقِضَ لِلَوْنِ الْيَاقُوتِ الْمُنَافِي لِكَمَالِ اللُّؤْلُؤِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ طَبْعَ بَعْضِ الْعَرَبِ مَائِلٌ إِلَى الصُّفْرَةِ مَعَ أَنَّ طَبْعَ بَعْضِهِمْ مَائِلٌ إِلَى الْوَشْمَةِ الْمَكْرُوهَةِ شَرْعًا وَطَبْعًا أَيْضًا، هَذَا وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءَ: مَنْ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَسْوَدَ يَكْفُرُ ; لِأَنَّ وَصْفَهُ بِغَيْرِ صِفَتِهِ الثَّابِتَةِ بِالتَّوَاتُرِ نَفْيٌّ لَهُ وَتَكْذِيبٌ لَهُ ﷺ. (رَجِلَ الشَّعْرِ): بِكَسْرِ الْجِيمِ وَيُسَكَّنُ وَقَدْ يُفْتَحُ، وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَيُسَكَّنُ، أَيْ لَمْ يَكُنْ قَطَطًا وَلَا سَبِطًا - وَقَدْ سَبَقَ مَعْنَاهُمَا - وَهُوَ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ بِالِاسْتِقْلَالِ أَوْ رُفِعَ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ هُوَ هُوَ. .
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ): كَذَا فِي نُسْخَةٍ. (أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ): بِسُكُونِ الْعَيْنِ، إِمَامُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنَّهُ كَانَ أَفْقَهَ مِنْ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهُ ضَيَّعَ فِقْهَهُ أَصْحَابُهُ. (عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ): بِالتَّصْغِيرِ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ الْمَكِّيٌّ الْأَسَدِيُّ مَوْلَاهُمْ، صَدُوقٌ إِلَّا أَنَّهُ يُدَلِّسُ، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ. (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ): أَيِ الْأَنْصَارِيِّ، غَزَا تِسْعَ عَشَرَ غَزْوَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَهُوَ أَحَدُ الْمُكْثِرِينَ رِوَايَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، اسْتُشْهِدَ أَبُوهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَحْيَاهُ اللَّهُ وَكَلَّمَهُ وَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَأَسْتَشْهِدَ مَرَّةً أُخْرَى. وَالْمَعْنَى أُرِيدُ زِيَادَةَ رِضَاكَ وَهِيَ الشَّهَادَةُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ، وَهَذِهِ الْمَرْتَبَةُ أَعْلَى مَقَامًا مِنْ حَالِ أَبِي يَزِيدَ حِينَ قِيلَ لَهُ: مَا تُرِيدُ؟ فَقَالَ: أَنْ لَا أُرِيدَ. وَقَالَ بَعْضُ السَّادَةِ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ: هَذِهِ أَيْضًا إِرَادَةٌ. نِعْمَ مَنْ قَالَ:
أُرِيدُ وِصَالَهُ وَيُرِيدُ هَجْرِي فَأَتْرُكُ مَا أُرِيدُ لِمَا يُرِيدُ.
مُسْتَحْسَنٌ جِدًّا لِلْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: " تُرِيدُ وَأُرِيدُ وَلَا يَكُونُ إِلَّا مَا أُرِيدُ "، وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: وَلَيْسَ لِي فِي سِوَاكَ حَظٌّ فَكَيْفَ مَا شِئْتَ فَاخْتَبِرْنِي. فَجُرْأَةٌ وَلِذَا ابْتُلِيَ فَلَمْ يَصْبِرْ، فَمَا أَيْسَرَ الدَّعْوَى وَمَا أَعْسَرَ الْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ عُرِضَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ. (عَلَيَّ): بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ. (الْأَنْبِيَاءُ): فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَفْضَلِيَّتِهِ ﷺ، لَمْ يَقُلْ عُرِضْتُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ كَالْحَشَمِ لَهُ، وَالْعَسْكَرُ تُعْرَضُ عَلَى السُّلْطَانِ دُونَ الْعَكْسِ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ أَنَّهُ ﷺ بِمَنْزِلَةِ الْقَلْبِ فِي الْجَيْشِ وَالْأَنْبِيَاءُ مُقَدِّمَتُهُ وَالْأَوْلِيَاءُ سَاقَتُهُ وَالْمَلَائِكَةُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً مُتَظَاهِرِينَ مُتَعَاوِنِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) وَالشَّيَاطِينُ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ فِي الدِّينِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَنْبِيَاءِ: الْمَعْنَى الْأَعَمُّ الشَّامِلُ لِلرُّسُلِ، وَذَلِكَ الْعَرْضُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَاتٍ أُخَرُ كَرِوَايَةِ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرِوَايَةِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: كُوشِفَ لَهُ صُوَرُ أَبْدَانِهُمْ كَمَا كَانَتْ. وَقِيلَ كَانَ فِي الْمَنَامِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ أَنَّهُ قَالَ: " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ "، وَذَكَرَ الْخَبَرَ، قِيلَ: عَلَى الثَّانِي: لَا إِشْكَالَ ; فَإِنَّهُ مُثِّلَتْ لَهُ أَرْوَاحُهُمْ بِهَذِهِ الصُّوَرِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: يَجُوزُ أَنَّهُمْ مُثِّلُوا بِهَيْئَاتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهِمْ، وَلِذَا قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: " كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عِيسَى "، وَأَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرُّؤْيَةُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَهُمْ مُتَمَثِّلُونَ فِي السَّمَاوَاتِ بِهَذِهِ الصُّوَرِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، قِيلَ: لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّرْدِيدِ بَلِ
1 / 49