اختلاف الفرق:
(فصل) الخلاف بعد النبي الذي حكيناه عن السلف في الفتنة المذكورة قد تشعب وزاد على ما أثبتناه عمن سميناه في الخلاف، فقالت العالمة الحشوية المنتسبة إلى السنة على ما زعموا في ذلك أقاويل مشهورة وذهبوا مذاهب ظهرت عنهم مذكورة.
فمنهم طائفة اتبعت رأي سعد بن أبي وقاص وشركائه المعتزلة عن الفريقين ومذهبهم في إنكار القتال وحكموا بالخطأ على أمير المؤمنين والحسن والحسين ومحمد بن علي وابن عباس وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي أيوب الأنصاري وأبي الهيثم بن التيهان وعمار بن ياسر وقيس بن سعد بن عبادة وأمثالهم من وجوه المهاجرين ونقباء الأنصار. وعلى عائشة وطلحة والزبير وجميع من اتبعهم في الحرب واستحل معهم القتال، وشهدوا عليهم جميعا فيما صنعوه بالزلل عن الصواب، ووقفوا فيهم مع ذلك ولم يقطعوا لهم بعقاب، ورجوا لهم الرحمة والغفران، وكان الرجاء لهم في ذلك أقوى عندهم من الخوف عليهم من العقاب.
وقالت فرقة منهم أخرى بتخطئة الجميع كما قالت الأولى منهم في ذلك وقطعوا على أن أمير المؤمنين والحسن والحسين وابن عباس وعمار بن ياسر وخزيمة ذي الشهادتين إن كانوا قد زلوا بالقتال وسفك الدماء فإنه مغفور لهم ذلك، لما قدموا من عظيم طاعتهم لله تعالى وجهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبتهم له، مواساتهم إياه.
وكذلك قولهم في عائشة، وطلحة والزبير ومن شركهم في القتال ممن له صحبة وسالف جهاد.
Página 21