Jalis Salih
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
Investigador
عبد الكريم سامي الجندي
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى ١٤٢٦ هـ
Año de publicación
٢٠٠٥ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
رِوَايَةٌ أُخْرَى لِلْحَدِيثِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ سَلامَةَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَزْهَرَ الْحَضْرَمِيُّ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَرْعَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الدَّرْبَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْبَصْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ صَاحِبِ شُعْبَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: اجْتمع عَلَى النَّبيّ ﷺ نِسَاءَهُ يَوْمًا فَجَعَلَ يَقُولُ الْكَلِمَةَ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ عِنْدَ أَهْلِهِ، قَالَ: فَقَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: كَأَنَّ هَذَا حَدِيثُ خُرَافَةَ، فَقَالَ: تَدْرِينَ مَا حَدِيثُ خراف؟ وَذكر الحَدِيث.
التَّعْلِيق عَلَى الْخَبَر
قَالَ القَاضِي: عوامُّ النّاس يَرَون أنَّ قَول الْقَائِل: هَذِهِ خرافة، إنّما مَعْنَاهُ أَنَّهَا حَدِيث لَا حَقِيقَة لَهُ، وَأَنه ممّا يجْرِي فِي السّمر للتأنُّس بِهِ، وينتظم من الْأَعَاجِيب وطرف الْأَخْبَار مَا يرتاح إِلَيْهِ ويتمتع أهل الأندية بِالْإِضَافَة فِيهِ، ويقطعون أَوْقَات ندامهم بتداوله، وَأَنه أَوْ معظمه لَا أصل لَهُ، ورسولُ اللَّه ﷺ أصدق فِي كلّ مَا يخبر عَنهُ وَأعلم بِحَقِيقَة الْأَمر فِيهِ، وَأولى من رَجَعَ إِلَى قَوْله وَأخذ بِهِ، والغَيُّ مَا خَالفه، فَأَما مَا وَصفنَا من مَذْهَب الْعَامَّة فِيهِ، فَإِن الحَدِيث مُضَاف إِلَى الْجِنْس الَّذِي هُوَ جُزْء مِنْهُ، وَبَعض من جملَته ومميز لَهُ من كلّ حَدِيث لَيْسَ بِحَدِيث خرافة، كَقَوْلِهِم هَذَا ثوب خَزٍّ وخاتَم فضَّة وَبَاب حَدِيد، واشتقاقه عَلَى هَذَا القَوْل من قَوْلهم: اخترف فلَان من بستانه هَذِهِ الثَّمَرَة، وَقَوْلهمْ: هَذِهِ خَرْفة فلَان، يشار بِهِ إِلَى شَيْءٍ من الْفَاكِهَة، وَمِنْه سُمي الرّبيع الأوّل من السَّنَة خَريفًا لِأَن جُلّ الْفَوَاكِه تُخْترف فِيهِ، وَجَاء فِي الْخَبَر: أنَّ عَائِدَ الْمَرِيض فِي مَخْرفة الْجنَّة إِشَارَة إِلَى مَا يُرجى لَهُ من النَّعيم وثواب الْملك الْكَرِيم. فَقَالَ أَصْحَاب هَذا الْمَذْهَب: إِن المجتمعين عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيث الْمُعْجبة الْمُلِذَّة الْمُطرفة بِمَنْزِلَة المجتمعين عَلَى مَا يُخْترف من الْفَاكِهَة الَّتِي ينالون من قِبَلها الْمُتْعَة السارة لَهُم الفائضة عَلَيْهِمْ، ويتوهم هَؤُلَاءِ أَن مُخْتَلف الْبَاطِل ومفتعل الْكَذِب بِمَنْزِلَة من أَتَى شَيئًا أَو اخترفه فِي أَنَّهُ قَدْ ظفر بِمَا يلهيه ويمتعه، وَإِن كَانَ عَلَى مَا وَصفا فِي أَصله، وَيَقُولُونَ لما لَا يحققون صِحَّته من الْأَخْبَار: هَذِهِ خرافة، وَهَذَا حَدِيث خرافة، وَقَالَ بَعْض مجان الشُّعَرَاء عجز بَيت لَهُ حكايته:
حَدِيثُ خُرَافة يَا أمَّ عَمْرو
وَقَالَ ﵁ مِنْهُم فِي آخر بَيت قَالَه:
قَالَتْ ودَعْنِي من أَحَادِيث خرفةٍ
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة:
إِذا أخلوا فأنتِ حَدِيثي ... وَذَلِكَ كالحديثِ من الْخُرَافَةْ
وَأرى أنَّ قَوْلهم للْإنْسَان إِذَا أفند وَتغَير وأهتر وهجر: قَدْ خَرَّف، من هَذَا الْبَاب وَأَنه
1 / 50