Jalis Salih
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
Investigador
عبد الكريم سامي الجندي
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى ١٤٢٦ هـ
Año de publicación
٢٠٠٥ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
فاليَوْمَ أشربْ غَيْر مُسْتَحْقبٍ ... إِثْمًا من اللَّه وَلَا وَاغل
فَأنْكر هَذَا بَعْض أَصْحَابه وَقيل: إنَّ الرِّوَايَة الصَّحِيحَة فِيهِ فاليوم فَاشْرَبْ، أَوْ فاليوم أسْقى، وروى قَول الفرزدق:
وَقد بَدَا هَنْكِ من المئرز
قَالَ من أنكر هَذَا: إنّما هُوَ: وَقد بدا ذَاك، وَقد روى عَنْ أبي عَمْرو أَنَّهُ قَرَأَ بِهَذِهِ اللُّغَة فِي مَوَاضِع من الْقُرْآن مِنْهَا " فَتُوبُوا إِلَى بارئكم " ويأمُرْكم، وأنلزمُكُموها، فَمن الروَاة عَنْهُ من رَوَاهُ بِالسُّكُونِ خَالِصا وَأَجَازَ فِيهِ وَفِي نَظَائِره مثل هَذَا، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
سَوف أُزَحْلِقَكِ غَدا أَوْ بَعْدَ غَدِ
وروى أنَّ هَذَا أَتَى مخففًا لِكَثْرَة الحركات فِيهِ، فاحتج بَعْض أَصْحَابه بِأَن الْحُرُوف الَّتِي أسكنها مَخْصُوصَة بِجَوَاز حذف الْحَرَكَة بِمَعْنى يخصُّها دون غَيرهَا، وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع الِاشْتِغَال بِهِ، وَأنكر بَعْض رُوَاة أبي عَمْرو هَذَا، وَذكر أَنَّهُ كَانَ مختلس الْحَرَكَة فيظن من لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ أسكن، وَهَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ فِي تَأْوِيل هَذِهِ الْقِرَاءَة وأمّا قَول الشَّاعِر فِي الْخَبَر الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَنِ الأَعْمَشُ: فقد تخدع وتُؤخذ، فَإِن قَائِله لَوْ ضم تخدع وَجزم وَتُؤْخَذ لَكَانَ قَدْ أَتَى بِوَجْه مَعْرُوف من كَلَام الْعَرَب، وَقد قَرَأَ جُمْهُور الْقُرَّاء فِي الْقُرْآن مَا مَنْزِلَته فِي الْإِعْرَاب مَنْزِلَته، وَذَلِكَ أَن يرد الْفِعْل الثَّانِي عَلَى مَوضِع الْفَاء الدَّاخِلَة عَلَى الْفِعْل الأوّل، وَذَلِكَ قَول اللَّه ﷿: " فَأَصدق وأكن من الصَّالِحين " فكره من قَرَأَ ذَلِكَ مُخَالفَة رسم الْمُصحف إِذْ لَا وَاو فِيهِ، وَله فِي الْعَرَبيَّة وَجه مَفْهُوم، وَمن ذَلِكَ قَول أَبُو داؤد الأيادي:
فأبْلُونِي بَلِيّتكُم لَعَلِّي ... أُصَالِحَكُم فأسْتدرجْ نَوَيّا
وَكَانَ أَبُو عَمْرو يخْتَار أَن يَقْرَأ وأكون بِإِثْبَات الْوَاو، وَكَانَ الْأَوْجه عِنْدَهُ فِي الْعَرَبيَّة، وَزعم أنَّ الْوَاو حذفت مِنْهُ فِي الْخط كَمَا حذفت من كلمن، وَلَيْسَ الْأَمر عندنَا عَلَى مَا ذكر فِي هَذَا فَفِي الْكَلِمَتَيْنِ فرق ظَاهر، يَقْتَضِي الْإِثْبَات حَيْث أَثْبَتَت، والحذف حَيْث حذفت، وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع ذكره، وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعه من كتُبنا الْمُؤَلّفَة فِي عُلُوم تَنْزِيل الْقُرْآن وتأويله إنْ شَاءَ اللَّه.
الْمجْلس السَّادِس
خبأت هَذَا لَك
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُفَيْرٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: قَدِمَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَقْبِيَةٌ، فَقَالَ لِي أَبِي مَخْرَمَةُ: اذْهَبْ إِلَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَعَلَّهُ أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ: فَأَتَيْنَاهُ فَسَمِعَ كَلامَ أَبِي عَلَى الْبَابِ قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَفِي يَدِهِ قِبَاءٌ وَهُوَ يُرِي أَبِي مَحَاسِنَهُ وَيَقُولُ: خَبَّأْتُ هَذَا لَكَ.
1 / 39