Jalis Salih
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
Investigador
عبد الكريم سامي الجندي
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى ١٤٢٦ هـ
Año de publicación
٢٠٠٥ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
يَا سيِّدًا مَا أَنْتَ مِنْ سيدٍ ... مُوَطَّأَ الأَعْقَابِ رَحَب الذِّرَاعِ
قَوَّالَ معروفٍ وَفَعَّالَهُ ... وَهَّابَ أُمَّاتِ الفصال الرِّبَاع
قَالَ هَذَا فِي الشّعْر: موطأ الأعقاب، وَإِنَّمَا للْإنْسَان عقبان عَلَى أحد وَجْهَيْن، إِمَّا أَن يَكُون رَأْي الْإِثْنَيْنِ جمعا. كَمَا قَالَ اللَّه ﷻ: " وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ، قَالُوا: لَا تَخَفْ، خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بعض " إِلَى قَوْله: إِنَّ هَذَا أَخِي ...، وَإِمَّا يَكُون جمع العقبين بِمَا حولهما كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
وَالزَّعْفَرَانُ عَلَى تَرَائِبِهَا ... شُرُفَاتُهُ اللَّبَّاتُ وَالنَّحْرُ
فَجَمَعَ اللَّبَّة بِمَا حَوْلَهَا.
وقَالَ: أمات فِي جمع أم، وَهَذَا مَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب، وَقَدْ زعم بَعضهم أَن أمات تسْتَعْمل فِي الْبَهَائِم وَأُمَّهَات تسْتَعْمل فِي الأناسي، وَالْجُمْهُور عَلَى تَجْوِيز ذَلِكَ فِي الْجَمِيع، وَقَدْ قَالَ الشَّاعِر:
إِذَا الأُمَّهَاتُ قَبَحْنَ الْوُجُوه ... فَرَجْتَ الظَّلامَ بِأُمَّاتِكَا
وَفِي مَوَاضِع من هَذَا الْبَاب خلاف بَيْنَ الْكُوفِيّين والبصريين لَيْسَ هَذَا مَوضِع ذكره، واللغة الْمَشْهُورَة أُمَّهَات، وَفِي الْوَاحِدَة هَاء مقدرَة، وَرُبمَا أظهرت، كَمَا قَالَ الراجز:
أُمَّهَتِي خِنْدِفُ وَالْيَاسُ أَبِي
واللغة الْعَالِيَة المستفيضة السائرة الَّتِي جَاءَ بهَا الْقُرْآن الْكَرِيم فِي مَوَاضِع كَثِيرَة: أم وَأُمَّهَات، قَالَ اللَّه تَعَالَى: " وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأمه آيَة "، وقَالَ تَعَالَى: " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ".
مُعَاوِيَة وإعجابه بولده يَزِيد
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأضَاحِيُّ الْمَعْرُوفُ بِحَرَمِيٍّ، ثَنَا أَبُو سَعِيد عَبْد اللَّه بْن شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن عَمْرو ابْن مُعَاوِيَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَلَسَتْ مَيْسُونُ بِنْتُ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيَّةُ تُرَجِّلُ ابْنَهَا يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَمَيْسُونُ يَوْمَئِذٍ مُطَلَّقَةٌ، وَمُعَاوِيَةُ وَفَاخِتَةُ بِنْتُ قَرَظَةَ يَنْظُرَانِ إِلَيْهِمَا، وَيَزِيدُ وَأُمُّهُ لَا يَعْلَمَانِ، فَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ تَرْجِيلِهِ نَظَرَتْ إِلَيْهِ فَأَعْجَبَهَا وَقَبَّلَتْ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بَيْتًا مِنَ شِعْرٍ:
إِذَا مَاتَ لَمْ تُفْلِحْ مُزَيْنَةُ بَعْدَهُ ... فَنُوطِي عَلَيْه يَا مُزَيْنُ التَّمَائِمَا
قَالَ: وَمَضَى يزِيد فَأتبعهُ فَاخِتَةُ بَصَرَهَا، وَقَالَتْ: لَعَنَ اللَّهُ سَوَادَ سَاقَيْ أُمِّكَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدْ رَأَيْتِهَا؟ أَمَا وَاللَّهِ عَلَى ذَاك لَمَا فَرَّجَتْ عَنْهُ وَرِكَاهَا خيرٌ مِمَّا تَفَرَّجَتْ عَنْهُ وَرِكَاكِ.
وَكَانَ لِمُعَاوِيَةَ مِنْ بِنْتِ قَرَظَةَ عَبْدُ الله، وَكَانَ أَحمَق النَّاسِ، قَالَتْ فَاخِتَةُ: لَا وَاللَّهِ وَلَكِنَّكَ تُؤْثِرُ هَذَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: سَوْفَ أُبَيِّنُ لَكِ ذَلِكَ حَتَّى تَعْرِفِيهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومِي مِنْ مَجْلِسِكِ، يَا غُلامُ! ادْعُ لِي عَبْدَ اللَّهِ، فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: يَا بُنَيَّ! إِنِّي قَدْ أَرَدْتُ أَنْ
1 / 255