ثم إنه قال بعد ذلك فى خلق العظام هذا القول: إن الله تبارك وتعالى أخذ من الأرض أجزاء نقية مسحوقة فنخلها وخلط بها مخا وعجنها ثم أدخل ذلك العجين فى النار ثم أخرجه من النار وأدخله فى الماء ثم أعاده ثانية إلى النار ثم رده إلى الماء فلما فعل ذلك به مرارا كثيرة جعله غير ذائب من 〈كل〉 واحد منهما. ثم قال: ولذلك صارت طبيعة العظام جافة ولا تنثنى. ولئلا تجف العظام جفوفا مفرطا جعل حولها اللحم وربط بعضها ببعض بأعصاب تتحرك. وما كان من العظام يكثر تنفسه مثل جمجمة الرأس جعل حوله من اللحم مقدارا يسيرا وما كان ليس بكثير التنفس جعل حوله لحما كثيرا مثل الذراعين والفخذين وإنه جعل اللحم فى بعض المواضع مفردا بسبب الحس مثل اللسان ثم قال: وخلق الله الفم لأمرين أحدهما اضطرارى والآخر لما هو أفضل من ذلك. أما الاضطرارى فهو الشىء الذى يحتاج إليه ضرورة فى الحيوة وهو الأطعمة والأشربة واستنشاق الهواء. وأما الأمر الأفضل فهو النطق
Página 25