Jahiz: Líderes de la literatura (Primera parte)
الجاحظ: أئمة الأدب (الجزء الأول)
Géneros
وكيف لا يكون موقعه من سرور النفس عظيما، ومن مصلحة الطباع كبيرا، وهو شيء في أصل الطباع، وفي أساس التركيب؛ لأن الضحك أول خير يظهر من الصبي، وقد تطيب نفسه، وعليه ينبت شحمه، ويكثر دمه الذي هو علة سروره ومادة قوته. ولفضل خصال الضحك عند العرب تسمي أولادها بالضحاك وببسام وبطلق وبطليق. وقد ضحك النبي
صلى الله عليه وسلم
وفرح، وضحك الصالحون وفرحوا. وإذا مدحوا قالوا: هو ضحوك السن، وبسام العشيات، وهش إلى الضيف، وذو أريحية واهتزاز. وإذا ذموا قالوا: هو عبوس، وهو كالح، وهو قطوب، وهو شتيم المحيا، وهو مكفهر أبدا، وهو كريه ومقبض الوجه وحامض الوجه، وكأنما وجهه بالخل منضوح.
وللضحك موضع وله مقدار، وللمزح موضع وله مقدار، متى جازهما أحد، وقصر عنهما أحد، صار الفاضل خطلا والتقصير نقصا؛ فالناس لم يعيبوا الضحك إلا بقدر، ولم يعيبوا المزح إلا بقدر، ومتى أريد بالمزح النفع، وبالضحك الشيء الذي جعل له الضحك، صار المزح جدا والضحك وقارا.
الكتاب
1
الكتاب وعاء مليء علما، وظرف حشي ظرفا، وإناء شحن مزاحا وجدا، إن شئت كان أبين من سحبان وائل، وإن شئت كان أعيى من باقل، وإن شئت ضحكت من نوادره، وإن شئت عجبت من غرائب فرائده، وإن شئت ألهتك طرائفه، وإن شئت أشجتك مواعظه، ومن لك بواعظ مله، وبزاجر مغر، وبناسك فاتك، وبناطق أخرس.
ومتى رأيت بستانا يحمل في ردن، وروضة تقلب في حجر، وناطقا ينطق عن الموتى ويترجم عن الأحياء؟ ومن لك بمؤنس لا ينام إلا بنومك ، ولا ينطق إلا بما تهوى، آمن من الأرض، وأكتم للسر من صاحب السر، وأحفظ للوديعة من أرباب الوديعة.
ولا أعلم جارا أبر، ولا خليطا أنصف، ولا رفيقا أطوع، ولا معلما أخضع، ولا صاحبا أظهر كفاية ولا أقل إملالا وإبراما ولا أكثر أعجوبة وتصرفا ولا أقل تصلفا وتكلفا ولا أبعد من مراء من كتاب.
ولا أعلم نتاجا في حداثة سنه، وقرب ميلاده، ورخص ثمنه، وإمكان وجوده، يجمع من التدابير العجيبة والعلوم الغريبة، ومن آثار العقول الصحيحة ومحمود الأذهان اللطيفة، ومن الحكم الرفيعة والمذاهب القديمة والتجارب الحكيمة، ومن الأخبار عن القرون الماضية والبلاد المتنازحة والأمثال السائرة والأمم البائدة؛ ما يجمع لك الكتاب.
Página desconocida