أقول لما كان ذلك كذلك، فإنه لا يمكن أن نتصور حدا من الحدود متصفا بصفات مختلفة في لحظة بعينها - أي في نفس اللحظة - لأن ذلك لا بد أن يعني كونا مختلفا أتم الاختلاف ... «إن أولئك الذين يقولون إن جميع العلاقات داخلية. يقولون في بعض الأحيان. لو أن «ص» كانت تمثل خاصية علائقية وأن «أ» يمثل حدا له تلك الخاصية، فسوف يكون صحيحا باستمرار أن «أ» لا يمكن أن تكون «أ» لو أنها فقدت «ص». وفي ظني أن تلك طريقة مصطنعة للقول إن كل شيء يمكن أن يكون حقيقيا إذا ما تضمن القضية المتناقضة ذاتيا، وهي أنه إذا كان «أ» الخاصية «ص» فإنه لا يمكن أن يكون صحيحا أن «أ» ليست لها الخاصية «ص»، لكنها رغم ذلك طريقة طبيعية - قليلا أو كثيرا - للتعبير عن قضية يمكن أن تكون صادقة تماما: افرض أن «أ» لها الخاصية «ص»، عندئذ فإن أي شيء ليس له الخاصية «ص» لا بد بالضرورة أن يكون شيئا مختلفا عن «أ».»
7 (4) هذان هما التفسيران لرأي الفيلسوف الجبري الذي يزعم استحالة أن يكون أي شيء خلاف ما هو عليه، بينما يظل بقية العالم على ما هو عليه. وسوف أناقش الآن الحجج الممكنة التي يمكن أن تقوم لتأييد هذا الرأي في صورتيه السابقتين: (أ) ما الدليل الذي يقدمه الفيلسوف الجبري الذي يعتقد أن الجمع بين الفقرتين الآتيتين مستحيل، برغم أن كلا منهما ممكنة على حدة وهما: (1) أن الجوهر «ج» لا بد أن يكون في حالة مختلفة عما كان عليه بالفعل. (2) وأن كل شيء آخر في العالم لا بد أن يظل كما كان عليه بالفعل؟ يمكن أن يكون دليله إما قبليا أو تجريبيا. غير أن الدليل التجريبي مستبعد تماما، إذ ليس ثمة دليل من هذا النوع يمكن أن يقوم في هذه الحالة، وإلا فأين يمكن أن نجد الدليل التجريبي عما إذا كان الافتراض القائل بأن «ج» لا بد أن يكون في حالة مختلفة عن الحالة التي كان عليها بالفعل يتناقض مع افتراضات أخرى؟ واضح أنه لا شيء يمكن أن يوجد داخل نطاق التجربة يؤيد هذه الدعوى.
والدليل القبلي لا بد أن يعني أن القضية التي يقول بها الفيلسوف الجبري - كما عرضناها من قبل - صدقها واضح بذاته، وأن القضية المعارضة كذبها واضح بذاته. وأود - قبل كل شيء - أن أذكر القارئ بالمغالطة المشهورة والشائعة، وهي مغالطة اعتبار شيء ما واضحا بذاته، في الوقت الذي يكون فيه هذا الشيء مجرد زعم يفتقر إلى البرهنة، وهناك مصدر آخر للخطأ شبيه بهذا الخطأ، وأعني به ذلك الموقف الذي تعتبر فيه قضية نتيجة ضرورية لقضية أخرى مفترضة ضمنا، مع أن هذه القضية المضمرة حين تظهر إلى العلن يمكن جدا أن نكتشف أنها نفسها ليست ضرورية. وسوف نناقش الآن رأي الفيلسوف الجبري لنرى ما إذا كان رأيه قضية واضحة بذاتها أم أنها نتيجة ضرورية لقضية أخرى يقال إنها واضحة بذاتها. وإذا ما اتضح أن رأيه يعتمد على قضية أخرى، فسوف نرى هل هذه القضية الجديدة واضحة بذاتها، أعني هل هي بديهية لا تحتاج إلى برهان أم أنها ليست كذلك.
ويمكن أن نوضح رأي الفيلسوف الجبري على النحو التالي:
إذا كانت الوقائع هي «ج» أ ب ج، فإنه من المستحيل أن تكون هذه الوقائع «ج»
1
أ ب ج. و«ج» هنا تمثل شيئا ما في وقت ما له صفة ما. أما أ ب ج فهي تمثل بقية العالم في نفس هذه اللحظة. و«ج»
1
تمثل الشيء نفسه مع صفة مختلفة. وإذا نظرنا إلى «ج» وحدها وجدنا أنها يمكن أن توجد على النحو الذي تقول هذا الوجهة من النظر. إذ يمكن أن تكون ممكنة، لكنها لا يمكن أن تكون ممكنة بالمشاركة
Compossible
Página desconocida