74
ولنرمز لما هو «قبل» وما هو «بعد» بحرفي أ ب، وب ج على التوالي؛ إن (أ) تمثل عنصر «القبل» في اللحظة الأولى، كما تمثل (ب) عنصر «البعد». أما في اللحظة الثانية ف «ب» تمثل عنصر القبل و«ج» تمثل عنصر البعد. وطالما أن «البعد» في اللحظة الأولى هو نفسه العنصر الذي يمثل القبل في اللحظة الثانية، فسوف تكون «ب» متحدة، وهي هي في الحالتين. وبدلا من أن تكون اللحظتان المتتاليتان منفصلتين ومتميزتين، بحيث تكتب على هذا النحو «أ ب» و«ب ج» فسوف تنساب الواحدة منهما في الأخرى وتشكل تيارا متصلا يكتب على النحو التالي «أ ب ج ...» وفي مثل هذا التيار المتصل فإنني أظل دائما في أية لحظة جزئية نفس الشخص الذي كنته منذ لحظة مضت؛ لأن أية لحظة جزئية هي في الواقع حلقة اتصال بين الماضي والحاضر، وهي نفسها جزء من الماضي وجزء من الحاضر في آن معا.
وعلى ذلك فإننا نحدس «الأنا» في لحظة واحدة من لحظات الانتباه، لكن عبارة «أنا هو أنا» تحتاج لحدسها إلى لحظتين متتاليتين من الانتباه، غير أننا لا ينبغي أن نفهم التالي على أنه حالات منفصلة، بل نفهمه على أنه سلسلة متصلة.
الفصل الثاني
النشاط الذاتي1
(1) حين ينتبه الكائن الحي فإنه يفعل. (2) التفكير صورة من صور الفعل. (3) طبيعة الفعل يجب أن تدرس بوساطة الفلسفة. (4) كلمة «الفعل» كلمة مزدوجة الدلالة فهي قد تعني: (أ) الفعل في حالة الأداء.
أو (ب) الفعل وقد انتهى. (5) الفعل في حالة الأداء هو وحده الذي نستطيع أن نخبره. (6) رأي «يوونج» في أن الفعل - كغيره من عمليات الطبيعة - هو تتابع أحداث. (6، 7) نقد هذا الرأي. (8) الصلة في الفعل بين الحدث السيكولوجي والتغير الطبيعي لا يمكن أن يكون مجرد تتابع. (9) يسلم الكاتب بأن الحدث السيكولوجي يستلزم فاعلا، لكن فكرة الفاعل تتضمن فكرة الفعل المطلوب تفسيرها. (10) يرى الكاتب أن العملية لكي تكون فعلا، فإن التغير لا بد أن يرغبه الفاعل، غير أن رغبة الفاعل تجعل الموقف مختلفا أتم الاختلاف عن العمليات الطبيعية. (11) لو كان الفعل عبارة عن سلسلة من الحوادث ترتبط ارتباطا سببيا فلا يمكن أن نعين حدا ينتهي عنده الفعل. (12) الفعل في حالة الأداء
acting ، لا يمكن لنا ملاحظته، وهو لا يمكن أن يعتمد على علاقة التتابع فحسب. (13) الأفعال تختلف عن الحوادث. (14) لا يمكن التفرقة بين الأفعال والحوادث عن طريق الملاحظة الخارجية وحدها. بل إن التفرقة لا تتم إلا عن طريق خبرتنا بالفعل في حالة الأداء. (15) لو أننا تعرفنا على التغير على أنه فعل كان في ذلك تفسير له، أما لو أدركناه على أنه حادثة فإنه يحتاج إلى شيء آخر يفسر حدوثه. (16) تقديم السببية لتفسير وقوع الحوادث. (17) غير أن فكرة السبب بوصفه «مصدرا» للتغير لا يكون هو نفسه فاعلا. «هذه الفكرة» تناقض ذاتي. (18) لا يمكن تفنيد الجبرية طالما أن التغيرات التي نبحثها لا تشملني بوصفي فاعلا. (19) الفاعل السيكوفيزيقي هو نفسه سبب كاف للتغير. (20) رأي برادلي القائل بأن فكرة النشاط تناقض ذاتي. (21) نقد رأي برادلي. (22) وضع مشكلتنا: هل الفاعل بوصفه انتباها يكون منتهيا أم مبتدئا؟ (23) بخصوص الدليل الإيجابي القائل بأنه يشارك في التغير، فإننا نلجأ إلى التجربة، أما فيما يتعلق بالدليل السلبي، فإننا نبرهن على تهافت نظرية الخصوم. (24) الخبرة هي المرجع الأخير. خبرة الانتباه يمكن تحليلها إلى حدين بالإضافة إلى علاقة التكيف. (25) فكرة الحرية فكرة أصيلة، أما فكرة الجبرية فهي مشتقة. (26) ليس في استطاعتنا أن نجاوز خبرتنا. (27) هل يتناقض قانون بقاء الطاقة مع وجهة النظر التي نأخذ بها؟ (28) عرض القانون بصفة عامة في إيجاز شديد. (29-33) عرض القانون مع إشارة خاصة لأفعال الإنسان. (34، 35) ليس القانون فوق مستوى الشك. (36) خلق الإنسان للفعل لا يتعارض بالضرورة مع القانون. (1) الذات «أو النفس» هي ثنائية الانتباه إلى موضوع ما، أو هي الفاعل السيكوفزيقي بمقدار ما ينتبه إلى شيء ما. غير أن انتباه الفاعل ليس مجرد حالة من حالات التقبل فحسب، بل هو فعل، والذات هي أساسا نزاعة وليست متأملة. فالفرد في حالة الانتباه يفعل، أعني أنه يقوم بعمليتي انتقاء ورفض دون أن ينطبع انطباعا سلبيا بالموضوع الذي يوجد أمامه. (2) من المألوف عند الفلاسفة التفرقة بين الفعل والتفكير، وهم عادة يقيمون بينها تعارضا بقولهم إنك إما أن تفكر أو تفعل، أعني إننا حين نفكر لا نفعل، وحين نفعل لا نفكر. ومعنى ذلك أنهم يقصرون الفعل على الحالات التي نتعامل فيها مع الأشياء المادية وحدها، أعني الحالات التي تحدث فيها تغيرا في العالم المادي، أما حين نفكر فهم ينظرون إلى هذه الحالة على أن المرء يتعامل فيها مع أفكاره الخاصة وحدها. «الفعل
actio
هو ... واحد من لونين من نشاط الذات، وهو يتعارض مع التفكير
Página desconocida