113

وفي هذا الشهر، قال [للسلطان] بعض من له حنو على يشبك الصوفي - وكان في دمياط بطالا - : إنه مريض لا حركة به. فقال: ائت به، فقد أفرجت عنه، فبادر إلى إحضاره، وكان من الأدب، أن لا يخرج من البحر، من شاطئ بولاق، إلا بإذنه، فلم يوفق لذلك، فأتى إليه بفرس، فركبه ومضى إلى بيته، واضطجع على فراش، وأظهر أنه شديد المرض، فكان أصحابه، يأتونه، فيسلمون عليه، فلا يتحرك لأحد منهم، وشكى ذلك الرجل حاله إلى السلطان، فظن أنه متمرض، لا مريض، فقال: أرصدت له إمرة ألف بدمشق، فلم يملك نفسه أن طلع إلى القلعة، فلما رآه السلطان لا قلبة به، تحقق ما كان ظنه، فأمر بأن يعطى مائة دينار، ويسافر إلى القدس، بطالا، ووعد أن يعطيه ما انحل من الإقطاعات بدمشق. وفي هذا الشهر ول السلطان ياقوت عبد السخاوي نظر الزاوية الخشابية.

وفي أواخر هذا الشهر، عزل قاضي الحنفية بدمشق، حميد الدين بن أبي حنيفة.

عزل كاتب السر:

شهر جمادى الأولى سنة ست وخمسين وثمانمائة، وفي يوم الخميس خامسه، شكى بعض الغرباء أنه أخرج عن إقطاعه، فغضب السلطان على كاتب السر؛ لكون هذا الأمر كان في أيامه، فقال: لم أفعل شيئا، إلا بخط السلطان، فأمر بسجنه في المقشرة (سجن المجرمين) فخرج على ذلك، فسأل الدويدار الكبير دولات باي المؤيدي، أن يكون في بيته مرسما عليه، إلى أن يرضى السلطان، فأجابه إلى ذلك، وطلع الشرف الأنصاري، قريب الظهر، فشفع فيه، فأجيب، وأطلق، فذهب إلى بيته، وتأسف الناس له كثيرا؛ لحسن عشرته، ولين جانبه، وشرف نفسه، وعدم شره، وحلاوة لسانه.

قصة ابن الكويز:

Página 211