قال فارس الهيكل: «إنك تظلمينني. بحق الأرض والبحر والسماء إنك تظلمينني! ليس من طبيعتي ما ترينني عليه من قسوة وأنانية وتشدد. اسمعيني يا ريبيكا، من بين كل الفرسان الذين حملوا رماحا لم يوجد فارس يحمل في قلبه إخلاصا لسيدته أكثر من براين دي بوا جيلبرت. كانت ابنة إقطاعي صغير، وكان اسمها معروفا أينما جرت أعمال الفروسية. أجل، جعلت أعمالي ومخاطراتي ودمي اسم أديلايد دي مونتيمار معروفا من بلاط قشتالة إلى بلاط بيزنطة. ماذا كان جزائي؟ عندما رجعت بأمجادي التي دفعت ثمنها غاليا بالعناء والدم، وجدتها قد تزوجت من تابع جاسكوني، لم يسمع اسمه قط خارج حدود أرضه الوضيعة! منذ ذلك اليوم عزلت نفسي عن الحياة وروابطها؛ لا تعرف رجولتي منزلا عائليا، ولا أسكن إلى زوجة حنون، ولا تعرف سني دفء العيش داخل بيت، ولا بد أنني سأكون وحيدا في قبري، ولن تخلفني ذرية لتحمل اسم بوا جيلبرت العريق. إن فارس الهيكل عبد في كل شيء إلا اسمه؛ فلا يمكنه أن يحوز أراضي ولا متاعا، ولا يحيا ويتحرك ويتنفس إلا بإرادة شخص آخر ومشيئته.»
قالت ريبيكا: «وا حسرتاه! ما المزايا التي يمكن أن تعوض عن مثل هذه التضحية المطلقة؟»
رد فارس الهيكل: «قوة الانتقام يا ريبيكا، وآمال الطموح.»
قالت ريبيكا: «إنه لجزاء بغيض مقابل التخلي عن الحقوق الأعز للبشرية.»
رد فارس الهيكل: «لا تقولي هذا يا آنستي؛ فالثأر عيد للآلهة! أما الطموح، فهو الإغراء الذي يمكنه أن يعكر حتى صفو نعيم السماء نفسها. يا ريبيكا، إن من تفضل الموت على تلويث شرفها لا بد أن لها نفسا أبية وقوية. يجب أن تكوني لي! لا، لا تفزعي، فيجب أن يكون الأمر برضاك ووفقا لشروطك. يجب أن توافقي على أن تشاركيني آمالي التي تتسع إلى أكثر مما يمكن رؤيته من فوق عرش ملك! اسمعيني قبل أن تجيبي، وحكمي عقلك قبل أن ترفضي. إن فارس الهيكل يخسر حقوقه الاجتماعية، وقدرته على التصرف بلا قيود، ولكنه يصبح عضوا وفرعا في كيان قوي تهتز أمامه العروش. وأنا لست عضوا متواضعا في هذه الطائفة القوية، ولكني بالفعل أحد القادة الرئيسيين، وقد أطمح أن أمسك يوما بعصا السيد الأكبر. إن جنود الهيكل المساكين لن يضعوا أقدامهم وحدهم فوق أعناق الملوك؛ فأقدامنا التي يكسوها الزرد سترتقي عرشهم، وسينتزع قفازنا الصولجان من قبضتهم. ولا حتى حكم مسيحكم المنتظر عبثا يمنح لقبائلكم المشتتة من القوة بقدر ما يهدف طموحي. إنني لم أبحث إلا عن روح متآلفة مع روحي لتشاركني حياتي، ولقد وجدتها فيك.»
ردت ريبيكا: «أتقول هذا لفتاة من قومي؟ أتظن ...»
قال فارس الهيكل: «لا تجيبيني بعبارات تشدد على الفرق بين عقيدة كل منا؛ ففي اجتماعاتنا السرية نسخر من هذه الحكايات الصبيانية، ولكن صوت البوق هذا يعلن عن شيء قد يتطلب حضوري. فكري فيما قلته لك. وداعا! لا أطلب منك أن تسامحيني على العنف الذي هددتك به؛ لأنه كان ضروريا كي تظهر شخصيتك؛ فالذهب لا يظهر معدنه إلا بتعريضه لمحك الذهب. سأعود على الفور، وسأسترسل في حديثي معك.»
الفصل الحادي والعشرون
عندما وصل فارس الهيكل إلى ردهة القلعة، وجد دي براسي هناك بالفعل، وسرعان ما انضم إليهما بعد ذلك فرونت دي بوف.
قال فرونت دي بوف: «لنر سبب هذه الجلبة اللعينة. ها هي رسالة، وهي، إن لم أكن مخطئا، باللغة الساكسونية.»
Página desconocida