ارتجفت السجينة وامتقع لونها عندما سمعت خطوة على الدرج وفتح باب غرفة البرج ببطء، ثم ظهر رجل طويل يرتدي ثيابا كثياب قطاع الطرق؛ أولئك الذين كانوا السبب فيما ألم بهم من بلاء، ودخل ببطء وأغلق الباب خلفه. وكانت قبعته المتدلية على حاجبيه تغطي الجزء العلوي من وجهه، وقد كان ممسكا بعباءته بطريقة تخفي بقيته. بهذه الهيئة، كما لو كان مستعدا لتنفيذ أمر يخجل هو نفسه من مجرد التفكير فيه، وقف أمام السجينة المرتعبة. كانت ريبيكا قد خلعت بالفعل سوارين وعقدا من الحلي النفيسة، التي أسرعت بتقديمهم للخارج عن القانون المزعوم.
قالت: «خذ هذه أيها الصديق الطيب، وأستحلفك بالرب أن تكون رحيما بي وبأبي المسن! هذه الحلي ذات قيمة كبيرة، ومع ذلك فهي شيء تافه إذا ما قورنت بما سيمنحه لك مقابل خروجنا من هذه القلعة في حرية ودون أن يصيبنا أذى.»
رد الخارج عن القانون قائلا باللغة الفرنسية: «إنه لقول حسن، ولكن اعلمي، يا زنبقة وادي بكة المتألقة، أن أباك بالفعل بين يدي خيميائي قدير، يعرف كيف يحول حتى القضبان الصدئة لموقد قبو إلى ذهب وفضة. يجب أن تدفع فديتك بالحب والجمال، ولن أقبلها بأي عملة أخرى.»
قالت ريبيكا باللغة نفسها التي تحدث إليها بها: «أنت لست بقاطع طريق؛ فما من قاطع طريق يرفض عرضا كهذا. ولا يوجد قاطع طريق في هذه الأرض يستخدم اللهجة التي تتحدث بها. أنت لست قاطع طريق، وإنما نورماندي، نورماندي وربما تكون قد ولدت نبيلا؛ فلتكن كذلك في أفعالك، ولتخلع عنك قناع الاعتداء والعنف المخيف هذا!»
قال براين دي بوا جيلبرت وهو ينزل العباءة عن وجهه: «وأنت، التي يمكنها تخمين تلك الحقيقة، لست إحدى بنات إسرائيل، ولكنك ساحرة من ساحرات إندور في كل شيء، عدا شبابك وجمالك. حسنا، أنا لست بقاطع طريق يا وردة شارون الجميلة، وأنا رجل أكثر استعدادا لإحاطة عنقك وذراعيك باللآلئ والماسات، التي تليق بهم، من أن أحرمك من هذه الحلي.»
قالت ريبيكا: «ماذا تريد مني إذن إن لم تكن تريد ثروتي؟ لا يمكن أن يكون بيننا شيء مشترك؛ فأنت مسيحي وأنا يهودية، وزواجنا مخالف لشريعة الكنيسة والمعبد على السواء.»
رد فارس الهيكل ضاحكا: «هذا صحيح بالفعل. أتزوج من يهودية؟ يا للعار! لن يكون ذلك حتى لو كانت ملكة سبأ! اسمعي يا ريبيكا، أنت أسيرتي التي ظفرت بها بقوسي ورمحي، وخاضعة لإرادتي بشرائع جميع الأمم، ولن أفرط قيد أنملة في حقي، أو أمتنع عن أن آخذ عنوة ما ترفضينه خضوعا لتوسل أو ضرورة. شيء واحد فقط يمكنه إنقاذك، وهو أن ترضخي لمصيرك وتعتنقي ديننا، وستبلغين في تلك الحالة مكانة عالية، ستجعل الكثير من السيدات النورمانديات أقل أبهة وجمالا من محظية حامل أفضل رمح بين المدافعين عن الهيكل.»
قالت ريبيكا: «أخضع لمصيري! بحق السماء المقدسة! لأي مصير أخضع؟ أعتنق دينك! وأي دين هذا الذي يئوي شريرا مثلك؟ أنت أفضل حامل رمح بين فرسان الهيكل! أيها الفارس الجبان! أيها القس الحانث القسم! إنني أبصق عليك وأتحداك! إن وعد إله إبراهيم قد فتح مهربا لابنته، حتى من هاوية العار هذه!»
وبينما كانت تتكلم، فتحت النافذة المطلة على البرج، وبعد لحظة كانت واقفة على حافة شرفة، ولم يعد بينها وبين العمق الشاهق أسفلها أي حاجز. لم يكن بوا جيلبرت مستعدا لمثل هذا العمل اليائس؛ لأنها قبلئذ كانت تقف بلا حراك؛ لذا لم يكن لديه الوقت للتدخل أو لإيقافها. وعندما شرع في أن يتقدم منها، صاحت قائلة: «الزم مكانك، يا فارس الهيكل المغرور، أو تقدم إن شئت! ولكن إن اقتربت خطوة واحدة فسألقي بنفسي من الهاوية.»
وبينما كانت تقول ذلك، شبكت يديها ومدتهما نحو السماء، كما لو كانت تلتمس الرحمة لروحها قبل أن تقفز قفزتها الأخيرة. تردد فارس الهيكل، وانهارت عزيمته التي لم تخضع قط لشفقة أو كرب أمام إعجابه بجرأتها. قال: «انزلي أيتها الفتاة المتهورة! أقسم بالأرض والبحر والسماء إنني لن ألحق بك أذى.»
Página desconocida