أسر القائدان الساكسونيان في اللحظة نفسها، وسقط الخدم المثقلون بالأمتعة فريسة سهلة في يد المعتدين، بعدما فاجأهم وأرعبهم ما حل بسيديهم، كما لاقت السيدة روينا التي كانت في منتصف الركب، واليهودي وابنته اللذان كانا في مؤخرته، المصير التعس نفسه.
لم يهرب أحد من الحاشية كلها إلا وامبا وجيرث، ولكن ظهر شخص ثالث فجأة، وأمرهما بالتوقف. من ملبسه وسلاحه خمن وامبا أنه أحد أولئك الخارجين عن القانون الذين كانوا قد أغاروا لتوهم على سيده، ولكن إلى جانب أنه لم يكن يرتدي قناعا تمكن أن يعرف من الحمالة المبهرجة على كتفه، والبوق الثمين الذي يحمله فيها، وكذلك التعبير الهادئ والآمر في صوته وطريقته، وعلى الرغم من ظلمة الشفق، أنه اليومن لوكسلي.
قال: «ما معنى كل هذا؟ ومن ذا الذي ينهب، ويطلب فدية، ويأخذ أسرى، في هذه الغابات؟»
قال وامبا: «انظر إلى أرديتهم الطويلة عن قرب؛ لترى ما إذا كانت سترات أطفالك أم لا؛ إذ إنها تشبه ثيابك، كما تتشابه حبات البازلاء.»
رد لوكسلي: «سأعرف ذلك في الحال، وآمركما، منجاة لحياتكما، ألا تبرحا مكانكما حتى أرجع. ولكن مهلا، لا بد أن أبدو كهؤلاء الرجال قدر الإمكان.»
قال ذلك وفك إبزيم حزام الكتف الذي به البوق، وأخذ ريشة من قبعته وأعطاها لوامبا، ثم أخرج قناعا من حقيبته، وكرر عليهم أوامره بالبقاء بلا حراك، ثم مضى لتنفيذ أغراض استكشافه. رجع في غضون بضع دقائق.
قال: «أيها الصديق جيرث، لقد اندسست وسط هؤلاء الرجال، وعرفت إلى من ينتمون وإلى أين يتجهون. أعتقد أنه لا يحتمل أن يرتكبوا أي فعل عنيف حقيقي مع أسراهم. وإذا حاول ثلاثة رجال الهجوم عليهم في هذه اللحظة فلن يكون ذلك إلا ضربا من الجنون، ولكني أثق أنني سرعان ما سأجمع قوة يمكنها إحباط كل سبل حيطتهم. أنتما خادمان ، وأعتقد أنكما خادمان مخلصان لسيدريك الساكسوني. لن تعوزه أياد إنجليزية لمساعدته في هذه المحنة. تعاليا إذن معي حتى أجمع المزيد من العون.»
قال ذلك ومشى عبر الغابة بخطى سريعة، يتبعه المهرج وراعي الخنازير. وبعد ثلاث ساعات، وصلوا إلى فرجة صغيرة في الغابة يتوسطها شجرة بلوط عملاقة، وأسفلها يستلقي أربعة أو خمسة من اليوامنة ممددين على الأرض، بينما كان ثمة يومن آخر يمشي جيئة وذهابا كالحارس في ظل ضوء القمر.
عندما سمع الحارس أصوات الأقدام أطلق على الفور صيحة تنبيه، وانتفض النائمون وشدوا أقواسهم. كانت ستة أسهم موضوعة على الأوتار وموجهة نحو المكان الذي اقترب منه المسافرون، ولكن عندما عرفوا مرشدهم رحبوا به بكل أمارات الاحترام والمودة.
كان سؤاله الأول: «أين الطحان؟» «في الطريق إلى روثيرهام.»
Página desconocida