ومن ثم سرعان ما وصل إلى قطعة أرض مفتوحة ومكسوة بالعشب، على الجهة المقابلة لها صخرة مرتفعة بحدة، يمكن للمسافر أن يرى واجهتها الرمادية ملساء بفعل بعوامل التعرية، فوق سهل منحدر بعض الشيء. عند قاعدة الصخرة كان مبنيا كوخ بسيط، وكان، إن جاز القول، يستند عليها. وغرس منتصبا بالقرب من الباب جذع شجرة تنوب يافع جرد من أغصانه ، عليه قطعة من الخشب مربوطة عرضا بالقرب من القمة، كرمز بدائي للصليب المقدس. على مسافة قريبة جهة اليمين انبثق من الصخر ينبوع من أعذب المياه، يصب في حجر أجوف كان عمل بشر قد حوله إلى حوض بسيط.
بجوار هذا الينبوع كانت توجد أطلال كنيسة شديدة الصغر، ذات سقف قد تداعى جزئيا. ولم يكن المبنى، عندما كان كاملا، يتعدى في طوله ست عشرة قدما، وفي عرضه اثنتي عشرة قدما. وكان السقف، المنخفض نسبيا، مستندا إلى أربع أقواس متلاقية تنبثق من الأركان الأربعة للمبنى، وكل منها مدعوم بعمود قصير وضخم. كان المنظر الذي يتسم بالسكينة والهدوء بأكمله يقبع متألقا في ضوء الشفق أمام عيني المسافر، معطيا إياه شعورا بالثقة في أنه وجد مكانا للمبيت في تلك الليلة؛ ومن ثم وثب الفارس من فوق جواده وضرب باب الكوخ بمؤخرة رمحه؛ حتى يجذب الانتباه ويحصل على الإذن بالدخول.
مر بعض الوقت قبل أن يتلقى أي جواب، وعندما جاء الرد لم يكن مبشرا بخير.
كان الجواب الذي جاءه بصوت شديد الغلظة من داخل الكوخ: «امض في طريقك كائنا من كنت، ولا تزعج خادم الرب والقديس دونستان أثناء صلواته الليلية.»
أجاب الفارس: «أيها الأب الفاضل، أنا عابر سبيل مسكين ضل طريقه في هذه الغابة، ويقدم لك الفرصة لتغدق عليه من إحسانك وكرم ضيافتك.»
رد ساكن الكوخ: «أيها الأخ الصالح، ليس لدي زاد هنا يمكن حتى لكلب أن يتقاسمه معي، وأي جواد نشأ نشأة ناعمة سيحتقر مضجعي. امض في طريقك وليرعاك الرب.»
الفارس عند الكوخ، بريشة أدولف لالوز.
رد الفارس: «ولكن كيف أستطيع أن أجد طريقي عبر غابة كهذه، والظلام يوشك أن يحل؟ أتوسل إليك أيها الأب المبجل، بحق مسيحيتك، أن تفتح بابك، وترشدني على الأقل إلى طريقي.»
رد الناسك: «وأنا أرجوك أيها الأخ المسيحي الصالح ألا تستمر في إزعاجي؛ فلقد قطعت علي بالفعل صلاة ربانية وصلاتين مريميتين وصلاة قانون الإيمان، التي يجب علي وفقا لنذري، أنا الآثم البائس، أن أؤديها قبل طلوع القمر.»
صاح الفارس بأعلى صوته : «الطريق، الطريق! أرشدني إلى الطريق إن كان يتوجب علي ألا أتوقع منك أكثر من ذلك.»
Página desconocida