349

El Itqan en las Ciencias del Corán

الإتقان في علوم القرآن

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم

Editorial

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Edición

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

فَائِدَةٌ ثَالِثَةٌ
مَا اعْتَادَهُ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِ الْقُرَّاءِ مِنِ امْتِنَاعِهِمْ مِنَ الْإِجَازَةِ إِلَّا بِأَخْذِ مَالٍ فِي مُقَابِلِهَا لَا يَجُوزُ إِجْمَاعًا بَلْ إِنْ عَلِمَ أَهْلِيَّتَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِجَازَةُ أَوْ عَدَمَهَا حَرُمَ عَلَيْهِ وَلَيْسَتِ الْإِجَازَةُ مِمَّا يُقَابَلُ بِالْمَالِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ عَنْهَا وَلَا الْأُجْرَةُ عَلَيْهَا. وَفِي فَتَاوَى الصَّدْرِ مَوْهُوبٌ الْجَزَرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيْخٍ طَلَبَ مِنَ الطَّالِبِ شَيْئًا عَلَى إِجَازَتِهِ فَهَلْ لِلطَّالِبِ رَفْعُهُ إِلَى الْحَاكِمِ وَإِجْبَارُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ؟ فَأَجَابَ: لَا تَجِبُ الْإِجَازَةُ عَلَى الشَّيْخِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا.
وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ أَجَازَهُ الشَّيْخُ بِالْإِقْرَاءِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَا دِينَ لَهُ وَخَافَ الشَّيْخُ مِنْ تَفْرِيطِهِ فَهَلْ لَهُ النُّزُولُ عَنِ الْإِجَازَةِ: فَأَجَابَ لَا تَبْطُلُ الْإِجَازَةُ بِكَوْنِهِ غَيْرَ دَيِّنٍ. وَأَمَّا أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّعْلِيمِ فَجَائِزٌ فَفِي الْبُخَارِيِّ: "إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ " وَقِيلَ: إِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَاخْتَارَهُ الْحَلِيمِيُّ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ عَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْقُرْآنَ فَأَهْدَى لَهُ قَوْسًا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: "إِنْ سَرَّكَ أَنْ تُطَوَّقَ بِهَا طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا ".
وَأَجَابَ مَنْ جَوَّزَهُ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالًا وَلِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِتَعْلِيمِهِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا ثُمَّ أَهْدَى إِلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَخْذُ بِخِلَافِ مَنْ يَعْقِدُ مَعَهُ إِجَارَةً قَبْلَ التَّعْلِيمِ.

1 / 356