El Itqan en las Ciencias del Corán

Jalal al-Din al-Suyuti d. 911 AH
143

El Itqan en las Ciencias del Corán

الإتقان في علوم القرآن

Investigador

محمد أبو الفضل إبراهيم

Editorial

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Número de edición

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

أن بعثته كَانَتْ رَحْمَةً فَلَمَّا خَرَجَتِ الرَّحْمَةُ بِفَتْحِ الْبَابِ جَاءَتْ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَبِالْقُرْآنِ فَوُضِعَ الْقُرْآنُ بِبَيْتِ الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا لِيَدْخُلَ فِي حَدِّ الدُّنْيَا وَوُضِعَتِ النُّبُوَّةُ فِي قَلْبِ مُحَمَّدٍ وَجَاءَ جِبْرِيلُ بِالرِّسَالَةِ ثُمَّ الْوَحْيِ كَأَنَّهُ أَرَادَ تَعَالَى أَنَّ يُسَلِّمَ هَذِهِ الرَّحْمَةَ الَّتِي كَانَتْ حَظَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ اللَّهِ إِلَى الْأُمَّةِ. وَقَالَ السَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ: فِي نُزُولِهِ إِلَى السَّمَاءِ جُمْلَةً تَكْرِيمُ بَنِي آدَمَ وَتَعْظِيمُ شَأْنِهِمْ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ وَتَعْرِيفُهُمْ عِنَايَةَ اللَّهِ بِهِمْ وَرَحْمَتَهُ لَهُمْ وَلِهَذَا الْمَعْنَى أَمَرَ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَنْ تُشَيِّعَ سُورَةَ الْأَنْعَامِ وَزَادَ سُبْحَانَهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِأَنْ أَمَرَ جِبْرِيلَ بِإِمْلَائِهِ عَلَى السَّفَرَةِ الْكِرَامِ وَإِنْسَاخِهِمْ إِيَّاهُ وَتِلَاوَتِهِمْ لَهُ. قَالَ: وَفِيهِ أَيْضًا التَّسْوِيَةُ بين نبينا وَبَيْنَ مُوسَى ﵇ فِي إِنْزَالِهِ كِتَابَهُ جُمْلَةً وَالتَّفْضِيلُ لِمُحَمَّدٍ فِي إِنْزَالِهِ عَلَيْهِ مُنَجَّمًا لِيَحْفَظَهُ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: فَإِنْ قُلْتَ: فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ الَّذِي نَزَلَ جُمْلَةً أَمْ لَا؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فَمَا نَزَلَ جُمْلَةً وَإِنْ كَانَ مِنْهُ فَمَا وَجْهُ صِحَّةِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ؟ قُلْتُ: لَهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْكَلَامِ إِنَّا حَكَمْنَا بِإِنْزَالِهِ فِي لَيْلَةِ الَقَدْرِ وَقَضَيْنَاهُ وَقَدَّرْنَاهُ فِي الْأَزَلِ. وَالثَّانِي: أَنَّ لَفْظَهُ لَفْظُ الْمَاضِي وَمَعْنَاهُ الِاسْتِقْبَالُ أَيْ يُنَزِّلُهُ جُمْلَةً فِي لَيْلَةِ الَقَدْرِ انْتَهَى. الثَّانِي: قَالَ أَبُو شَامَةَ أَيْضًا: الظَّاهِرُ أَنَّ نُزُولَهُ جُمْلَةً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَبْلَ ظُهُورِ نُبُوَّتِهِ ﷺ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهَا. قُلْتُ: الظَّاهِرُ هُوَ الثَّانِي وَسِيَاقُ الْآثَارِ السَّابِقَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَرِيحٌ فِيهِ.

1 / 150