139

الكلام في بيان أن القرءان في أعلى طبقات الفصاحة

اعلم أن هذا لا يتم إلا بأن نبين جملا من أقسام الفصاحة ، ثم نبين أن نظم القرءان مشتمل عليها ، ونبين مزايا القرءان فيها ، ونلحق بذلك ما يكشف عن غرضنا في هذا الباب كشفا يوضحه ، ولا يبقى معه لمرتاد الحق شبهة ، بعون الله عز وجل ، وحسن توفيقه .

اعلم أن أصل الفصاحة هو الإبانة عن المعنى المقصود بحسن البيان . وهذا معنى ما حكى الله عز وجل عن موسى صلى الله عليه: { وأخي هارون هو أفصح مني لسانا } [القصص: 34] ، أي: أحسن بيانا .

فمن أقسام الفصاحة أن يكون الكلام مركبا من اللغات الفاشية في العرب ، التي لم يسترذلها أحد منهم ، نحو (( عنعنة تميم )) ، و(( كشكشة ربيعة )) ، وذلك أن قوما من تميم تجعل الهمزة المفتوحة عينا ، وأنشد الخليل فيه:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... وجيها موشك عن يصدع الكبدا (¬1)

أراد: أن يصدع .

وقوم من ربيعة يقولون للمرأة: عليش ، وإليش ، وبش . يريدون: عليك ، وإليك ، وبك . فيجعلون الكاف شينا ، وينشدون:

فعيناش عيناها وجيدش جيدها ... سوى أن عظم الساق منش دقيق (¬2) قال الخليل: من ترك عنعنة تميم ، وكشكشة ربيعة ، فهو من الفصحاء (¬1) .

Página 191