94

Itharat Targhib

إثارة الترغيب والتشويق إلى المساجد الثلاثة والبيت العتيق‏ - الجزء1

Géneros

كم منزل فى الأرض يألفه الفتى

وحنينه أبدا لأول منزل

ولهذا قال ذو النون المصرى لما قيل له: أين أنت من قوله ألست بربكم؟ قال:

كأنه الآن فى أذنى (1).

المعنى الثانى: أن سبب ذلك دعاء الخليل (عليه السلام) حيث قال: فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم (2)، لحجه. قال ابن عباس فى تفسيره: يحن إليهم، ولو قال: فاجعل أفئدة الناس تهوى إليهم بدون «من» لحجه اليهود والنصارى.

وهذا المعنى أرفع من الأول وأشرف؛ إذ ليس فيه شائبة نفسانية ترد الحنين إليه وتصرفه.

المعنى الثالث: وهو أهذب منهما مذهبا وأرق واصفى مشربا؛ أنه جاء فى الحديث: «أن الله تعالى ينظر إلى الكعبة ليلة النصف من شعبان فتحن إليه القلوب من أجل ذلك» (3).

المعنى الرابع: أنه ورد أن الله تعالى أوحى إلى الكعبة عند بنائها: أنى منزل نورا وخالق بشرا يحنون إليك حنين الحمام إلى بيضه، ويدفون إليك دفيف النسور.

فانظر يا أخا الصفا بالوفا إلى ما تضمنته هذه الكلمات من فضل الله الحسن الجميل، وفوائد المنح وقلائد المنن، بدأ الخلق من العدم ثم ابتدأهم بسوابغ النعم، ونصب خيمة القرى فى أم القرى، ونادى: هلموا إلى، نادى الكريم فيا هناء لمن اختير لتلك الحضرة وارتضى لمقعد الجلال، ويا قرة عين من حظى بمشاهدة الجمال.

قال جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن على- رضى الله عنهم- أنه قال: لما قال الله تعالى للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء غضب الله عليهم، فعاذوا بالعرش وطافوا حوله سبعة

Página 121