Preferencia de la verdad sobre la creación en la refutación de las controversias
إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٩٨٧م
Ubicación del editor
بيروت
فَهَذَا كَلَام سلاطين أَئِمَّة المعارف الْعَقْلِيَّة من فريقي الْملَّة الإسلامية وَسَيَأْتِي هَذَا مَبْسُوطا فِي مَوْضِعه
فَأَما بعض الطّلبَة من أَتبَاع أهل الْكَلَام الَّذين قلدوا فِي تِلْكَ الْقَوَاعِد وهم يحسبون أَنهم من الْمُحَقِّقين فهم أبلد وَأبْعد من أَن يعرفوا مَا أوجب اعْتِرَاف هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة بِالْجَهْلِ وَالْعجز وَإِنَّمَا هم بِمَنْزِلَة من سمع أَخْبَار الحروب والشجعان وَهَؤُلَاء الْأَئِمَّة بِمَنْزِلَة من مارس مقارعة الْأَبْطَال ومنازلة الأقران وَلَا يلْزم من التزهيد فِي طلب مَا لَا يحصل والاشتغال بِمَا يضر من عُلُوم الفلاسفة والمبتدعة التزهيد فِي الْعلم النافع وَسَيَأْتِي اشباع القَوْل فِي عظم فَضله والحث عَلَيْهِ بعد تَقْرِير صِحَّته وَالرَّدّ الشافي على من نَفَاهُ
وَمن هَا هُنَا أَمر رَسُول الله ﷺ وَآله وَسلم بالإقتصاد فِي الْأُمُور وَقَالَ إِن المنبت لَا أَرضًا قطع وَلَا ظهرا أبقى وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الله تَعَالَى معلما للأميين وَرَحْمَة للْعَالمين وَعلم بِالضَّرُورَةِ لَا بأخبار الْآحَاد إِن ذَلِك كَانَ خلقه وَدينه عِنْد الْعلمَاء النقاد فَتعين حِينَئِذٍ طلب الطَّرِيق الْقَرِيبَة الممكنة الَّتِي هِيَ فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا كَمَا نَص على ذَلِك فِي كِتَابه الْكَرِيم وَسنة رَسُوله عَلَيْهِ أفضل ﷺ وَلَوْلَا مَا وَقع فِيهَا من التَّغْيِير لما احْتَاجَت إِلَى طلب وَلكنه قد وَقع فِيهَا التَّغْيِير كَمَا أخبر بذلك رَسُول الله ﷺ فِي الحَدِيث الْمُتَّفق على صِحَّته عِنْد أهل النَّقْل وَفِيه تَفْسِير الْفطْرَة وتقريرها من الْمبلغ الْمُبين لما أنزل عَلَيْهِ من الْهدى والنور حَيْثُ قَالَ (كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ ويمجسانه) وَفِي ذَلِك يَقُول أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب ﵇ فِي ممادح ربه ﷾ الَّتِي أودعها خطبه فِي محافل الْمُسلمين وَأما العارفين وَعلمهَا من حَضَره من خِيَار الْمُؤمنِينَ حَيْثُ قَالَ فِي محامد رب الْعَالمين لم يطلع الْعُقُول على تَحْدِيد صفته وَلم يحجبها عَن وَاجِب مَعْرفَته فَهُوَ الَّذِي يشْهد لَهُ أَعْلَام الْوُجُود على إِقْرَار قلب ذِي الْجُحُود وَقد جود فِي شَرحه ونصرته الْعَلامَة ابْن أبي الْحَدِيد وَعَزاهُ إِلَى قَاضِي الْقُضَاة وَفرق بَينه وَبَين قَول الجاحظ فَقَالَ أَنا مَا ادعينا فِي هَذَا الْمقَام إِلَّا أَن الْعلم بِإِثْبَات الصَّانِع هُوَ الضَّرُورِيّ والجاحظ
1 / 14