41

Preferencia de la verdad sobre la creación en la refutación de las controversias

إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٩٨٧م

Ubicación del editor

بيروت

فَإِذا عرفت هَذَا فَانْظُر كَيفَ يُمكن أَن يتَغَيَّر الْمَنِيّ المستوي إِلَى تِلْكَ الْأُمُور الْمُخْتَلفَة المحكمة البديعة الاحكام العجيبة الصَّنْعَة وَهل ذَلِك إِلَّا بِمَنْزِلَة تَجْوِيز أَن يصير المداد مُصحفا معربا لَا غلط فِيهِ وَلَا لحن بطبع المداد من غير كَاتب عَالم بل احكام الانسان أبلغ وأعجب وَقد رَأَيْت كم جمع فِي الْأُنْمُلَة الْوَاحِدَة من الاصابع من الاشياء الْمُخْتَلفَة فَوضع فِيهَا جلدا وَلَحْمًا وعصبا وشحما وعروقا ودما ومخا وعظما وبلة وظفرا وشعرا وَبضْعَة عشر شَيْئا غير ذَلِك كل وَاحِد مِنْهَا يُخَالف الآخر قدرَة وحياة واستواء وارتفاعا وانحدارا وخشونة ولينا وحرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة وصلابة ورخاوة ثمَّ خلق فِي بَعْضهَا الْحَيَاة دون بعض كالشعر وَالظفر والعظم وَجعلهَا مدركة لأمور شَتَّى كالحرارة والبرودة واللين والخشونة والقلة وَالْكَثْرَة والرطوبة واليبوسة وَمن لطيف الْحِكْمَة فِيهَا اختلافها فِي الطول وَالْقصر حَتَّى تستوي عِنْد الْقَبْض على الْأَشْيَاء فتقوى بالاستواء وَهَذَا مِمَّا تخفى فِيهِ الْحِكْمَة جدا أَعنِي كَون الِاخْتِلَاف فِي ذَلِك سَبَب الاسْتوَاء عِنْد الْقَبْض وَلذَلِك خصت بِالذكر فِي قَوْله تَعَالَى ﴿بلَى قَادِرين على أَن نسوي بنانه﴾ ﴿فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ﴾
وَقد أَشَارَ الله تَعَالَى إِلَى بطلَان مَذْهَب الطبائعيين بِهَذَا الْمَعْنى وَنبهَ عَلَيْهِ ﷾ حَيْثُ قَالَ فِي كَلَامه الْكَرِيم ﴿وَفِي الأَرْض قطع متجاورات وجنات من أعناب وَزرع ونخيل صنْوَان وَغير صنْوَان يسقى بِمَاء وَاحِد ونفضل بَعْضهَا على بعض فِي الْأكل إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يعْقلُونَ﴾ وَآخر الْآيَة دَلِيل على أَن الْعقل يدْرك بذلك بطلَان قَول أهل الطبائع
وَمِمَّا يدل عَلَيْهِ عَافِيَة كثير من المرضى بعد غَلَبَة الْعلَّة وقوتها وَضعف أَسبَاب الْعَافِيَة ويأس الطَّبِيب من العلاج فقد ذكر الْأَطِبَّاء أَن الطِّبّ لَا ينفع فِي بعض تِلْكَ الْأَحْوَال فيتأمل ذَلِك كثيرا فَفِيهِ شِفَاء لما فِي الصُّدُور وَقد وَقعت فِي ذَلِك فَقلت فِيهِ

1 / 49