Preferencia de la verdad sobre la creación en la refutación de las controversias

Ibn al-Wazir d. 840 AH
39

Preferencia de la verdad sobre la creación en la refutación de las controversias

إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٩٨٧م

Ubicación del editor

بيروت

وَبَيَانه أَنه خلق من نُطْفَة فقدره مستوية الطبيعة فَكيف يكون مِنْهَا مَا يبصر وَمِنْهَا مَا يسمع وَمِنْهَا مَا يطعم وَمِنْهَا مَا يشم وَمِنْهَا الصلب وَمِنْهَا الرخو وَمِنْهُم من يمشي على بَطْنه وَمِنْهُم من يمشي على رجلَيْنِ وَمِنْهُم من يمشي على أَربع كَمَا نبه الله عَلَيْهِ فِي كِتَابه الْكَرِيم ونعلم أَنَّهَا قد تَغَيَّرت بِنَا الْأَحْوَال وتنقلت بِنَا الأطوار تنقلا عجيبا فَكُنَّا نطفا ثمَّ علقا ثمَّ مضغا ثمَّ لَحْمًا ودما ثمَّ عظاما صلبة مُتَفَرِّقَة فِي ذَلِك اللَّحْم وَالدَّم تقويهما وعصبا رابطة بَين تِلْكَ الْعِظَام صَالِحَة لذَلِك الرَّبْط مِمَّا فِيهَا من الْقُوَّة والمتانة ثمَّ تركب من ذَلِك آلَات وحواس حَيَّة مُوَافقَة للْمصَالح مَعَ ضيق ذَلِك الْمَكَان وَشدَّة ظلمته وَإِلَى ذَلِك الاشارة بقوله تَعَالَى ﴿يخلقكم فِي بطُون أُمَّهَاتكُم خلقا من بعد خلق فِي ظلمات ثَلَاث ذَلِكُم الله ربكُم لَهُ الْملك لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَأنى تصرفون﴾ والظلمات الثَّلَاث ظلمَة الْبَطن وظلمة المشيمة وظلمة الرَّحِم ثمَّ انْظُر إِلَى مَوضِع الْعَينَيْنِ مَا أشبهه بهما بَعيدا مِمَّا يؤذيها مرتفعا للتمكن من إِدْرَاك المبصرات فِي الْوَجْه الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى تَغْطِيَة باللباس من الْجمال البديع فيهمَا وَفِي جفونهما وَلَو كَانَا فِي الرَّأْس أَو فِي الظّهْر أَو فِي الْبَطن أَو غير ذَلِك مَا تمت الْحِكْمَة وَلَا النِّعْمَة بهما وَكَذَلِكَ كل عُضْو فِي مَكَانَهُ وَانْظُر إِلَى ستر القذر الَّذِي فِي الْبَطن بالسواتر الْعَظِيمَة بِحَيْثُ لَا يحس لَهُ حس وَلَا يظْهر لَهُ ريح وَلَا يخرج إِلَّا باختيارنا فِي مَوضِع خَال وَإِن من عَجِيب صنع الله تَعَالَى استمساك الْبَوْل فِي حَال الْغَفْلَة بل فِي حَال النّوم حَتَّى نَخْتَار خُرُوجه وَنرْضى بِهِ من غير رِبَاط وَلَا سداد فِي مجْرَاه وَلَا مَانع محسوس فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ ثمَّ حياتنا فِي بطُون الْأُمَّهَات من غير نفس وَلَو كَانَ ثمَّ نفس لَكَانَ ثمَّ صَوت وَلَو غم أَحَدنَا بعد الْخُرُوج سَاعَة لمات بل كَثِيرُونَ يموتون فِي المدافن المتخذة للحبوب مَعَ سعتها ثمَّ خروجنا من ذَلِك الْموضع الضّيق من غير اخْتِيَار من الْمَوْلُود والوالدة وَهُوَ فعل مُحكم صَعب لابد لَهُ من فَاعل مُخْتَار وَعدم الْمَوْت لشدَّة الضغطة عِنْد الْخُرُوج وسلامة الْوَلَد وَأمه من الْمَوْت فِي ذَلِك من آيَات الله كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي آيَة الْحَج فِي ﴿وَمَا تحمل من أُنْثَى وَلَا تضع إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾

1 / 47