Preferencia de la verdad sobre la creación en la refutación de las controversias
إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٩٨٧م
Ubicación del editor
بيروت
جُزْء من مائَة جُزْء من رَحْمَة الله وَظَهَرت محبَّة الله تَعَالَى للثناء عَلَيْهِ بِهَذِهِ الصّفة وَمَا يشتق لَهُ مِنْهَا من الاسماء الشَّرِيفَة حَتَّى كَانَ أحب الاسماء اليه عبد الله وَعبد الرَّحْمَن كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح فَكيف يُقَال أَن ظَاهرهَا نقص وذم وَكفر وتشبيه وَسَب للْملك الحميد الْمجِيد الَّذِي لَا أحد أحب اليه الْحَمد والمدح مِنْهُ وَلَا أعرف بِمَا يَلِيق بجلاله مِنْهُ ثمَّ من رسله وَلَا يُحْصى عَلَيْهِ ثَنَاء هُوَ كَمَا أثنى على نَفسه لأهليته لذَلِك وَلذَلِك مدح نَفسه وَعلمنَا مدحه ودعانا اليه وأثابنا عَلَيْهِ فَكيف يفْتَتح كتبه الْكَرِيمَة ويشحنها بِمَا ظَاهره السب والذم وَالْكفْر والتشبيه وَبِمَا نسبته اليه كنسبة الارادة إِلَى الْجِدَار والجناح إِلَى الذل بل أَشد بعدا من ذَلِك فان الْجِدَار لَا يذم بالارادة والذل لَا يذم بالجناح فَصَارَ لَا يُوجد لذَلِك مِثَال لِأَنَّهُ يسْتَلْزم اسْتِعَارَة اسْم الذَّم لارادة الْمَدْح كَمَا لَو مدحت بالظلم الْملك الْعَادِل وبالنقص الرجل الْكَامِل مجَازًا وَنَحْو ذَلِك
مِمَّا لَا يحسن فِي البلاغة بل لَا يَصح فِي اللُّغَة وَلَا يُوجد فِي كَلَام الْعَامَّة والعجم
وَقد أجمع الْمُسلمُونَ على حسن اطلاق الرَّحْمَة على الله من غير قرينَة تشعر بالتأويل وَلَا توقف على عبارَة التَّنْزِيل وَلَو كَانَ ظَاهرهَا الْقبْح والذم والانتقاص لله ﷿ لم يحسن ذَلِك من الْعباد وان ورد فِي كَلَام الله أقرّ فِي مَوْضِعه على قَوَاعِد عُلَمَاء الْكَلَام على أَن فطر الْعُقُول تعرف رَحْمَة الله تَعَالَى وسعة علمه وَكَمَال قدرته فان الْعلم بِضعْف الْعباد مَعَ تَمام الْقُدْرَة والممادح والمحامد وَعدم الْمعَارض يسْتَلْزم الرَّحْمَة عقلا أَيْضا فَهِيَ من المحكمات لامن المتشابهات على أَن الله سُبْحَانَهُ أعلم وَأحكم وَأجل وَأعظم وأعز فِي كبريائه عَن أَن يتَخَيَّر مَا ظَاهره الانتقاص والذم غرَّة شادخة لاسمائه الْحسنى مُقَدّمَة فِي مثاني كِتَابه الْعُظْمَى وَهُوَ الَّذِي بلغ كَلَامه أَعلَى دَرَجَات الاعجاز فِي البلاغة الَّتِي هِيَ الْبلُوغ إِلَى المُرَاد الْمَقْصُود بأوضح الْعبارَات وأجزلها وأبينها وأجملها
وَأَيْضًا فقد ثَبت أَن الرَّحْمَن مُخْتَصّ بِاللَّه تَعَالَى وَحده وَيحرم إِطْلَاقه على غَيره وَلَو كَانَت الرَّحْمَة لَهُ مجَازًا وَلغيره حَقِيقَة كَانَ الْعَكْس أوجب وَأولى وَمَا الْمَانِع للْمُسلمِ من اثباتها صفة حمد ومدح وثناء كَمَا علمنَا رَبنَا مَعَ نفي
1 / 127