Preferencia de la verdad sobre la creación en la refutación de las controversias
إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٩٨٧م
Ubicación del editor
بيروت
فِي حُدُوث الْحَوَادِث فَإِن غالبه بَاطِل لِأَنَّهَا لم تصح مِنْهُ الْمُقدمَات فَدلَّ الضعْف والإختلاف على ضعف الْقَوَاعِد لَا على دقتها وَلذَلِك لَا يخْتَلف أهل الْحساب الدَّقِيق فِي الْفَرَائِض وَقِسْمَة الْمَوَارِيث فِي المناسخات وَنَحْوهَا مَعَ دقته وَلذَلِك لَا تخْتَلف عُلَمَاء الْعَرَبيَّة والمعاني وَالْبَيَان فِي كل دَقِيق بل يتفقون حَيْثُ تكون الْمُقدمَات صَحِيحَة وَإِن دقَّتْ وَلَا يَخْتَلِفُونَ إِلَّا حَيْثُ تكون الْمُقدمَات ظنية بل المتكلمون فِي الْحَقِيقَة كَذَلِك لكِنهمْ إِنَّمَا يتفقون فِي أُمُور يسْتَغْنى فِي مَعْرفَتهَا عَن علم الْكَلَام وَعَن مَعْرفَتهَا فِي علم الْكَلَام ثمَّ يختصون من بَين أهل الْعُلُوم بِدَعْوَى الْقطع فِي مَوَاضِع الظنون وتركيب التعادي والتأثيم والتكفير على تِلْكَ الدَّعَاوَى إِلَّا أفرادا من أئمتهم وأذكيائهم توغلوا حَتَّى فَهموا أَنهم انْتَهوا إِلَى محارات مُنْتَهى الْعُقُول فِيهَا الْميل إِلَى إمارات ظنية فَرَجَعُوا إِلَى التَّسْلِيم وَترك التَّكْفِير كَمَا سَيَأْتِي بَيَان ذَلِك عَنْهُم ونصوصهم فِيهِ
وَمن العبر الجلية فِي هَذَا للمتأملين أَن أهل الدُّنْيَا الموصوفة بِأَنَّهَا لعب وَلَهو ومتاع قد اتقنوا مَوَازِين معرفَة الْحق من الْبَاطِل فِيمَا بَينهم وتمييز يسير الحيف فِي ذَلِك حَتَّى لَا يَسْتَطِيع أحد تَدْلِيس الْبَاطِل مَعَ وزنهم وتمييزهم لذَلِك بِتِلْكَ الموازين الموصلة إِلَى الْعلم الْيَقِين الْقَاطِع لَا مَكَان اللجاج وَالْخلاف من الْمُخَالفين فَلَو اسْتَطَاعَ أهل الْكَلَام أَن يضعوا فِي أُمُور الدّين المهمة مَوَازِين حق تميز الْحق من الْبَاطِل على وَجه وَاضح يقطع الْخلاف ويشفي الصُّدُور مثل مَوَازِين أهل الدُّنْيَا مَا كَرهُوا ذَلِك وهم لَا يتهمون بالتقصير فِي ذَلِك وَإِنَّمَا أَتَوا من أَنهم تركُوا الإعتماد على تعلم الْحق من الْكتاب الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه الَّذِي أنزلهُ من أنزل الْمِيزَان ليتعرف بِهِ الْحق بعد دلَالَة الإعجاز على صدقه كَمَا يعرف الْحق فِي الْأَمْوَال بالميزان بعد دلَالَة الْعقل على صِحَّته وَلذَلِك جَمعهمَا الله تَعَالَى فِي قَوْله ﴿الله الَّذِي أنزل الْكتاب بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان﴾ أنزل الْكتاب لتعريف الْحق الديني وَالْمِيزَان لتعريف الْحق الدنيوي فَترك الْأَكْثَرُونَ الإعتماد عَلَيْهِ لما سَنذكرُهُ من الْأَسْبَاب الَّتِي ظَهرت فِي أعذار
1 / 18