Ithaf al-wura fi ahbar Umm al-Qura
اتحاف الورى في أخبار أم القرى
Géneros
الصحيفة، فشلت يده. ثم غدت قريش على من أسلم فأوثقوهم وآذوهم، واشتد البلاء عليهم، وعظمت الفتنة، وزلزلوا زلزالا شديدا.
ولما فعلت قريش ذلك انحاز رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسائر بنى هاشم وبنى المطلب- خلا أبا لهب- وبنو المطلب وولده فى الشعب، وخرج اللعين أبو لهب وولده إلى قريش، فظاهرهم على بنى هاشم وبنى المطلب، وقطعوا عنهم الميرة والمادة، فكانوا لا يقدرون على ذلك إلا من الموسم إلى الموسم، ولا يخرجون إلا من موسم إلى موسم، حتى بلغ بهم الجهد، وسمع أصوات صبيانهم من وراء الشعب يتضاغون من الجوع. فمن قريش من سره ذلك، ومنهم من ساءه، ولم يكن يصل إليهم شىء إلا سرا؛ حتى إن المطعم بن عدى أدخل عليهم فى بعض الأيام ثلاثة أوقار من الطعام، وكان النبى (صلى الله عليه وسلم) يشكر له ذلك، وكانت العير تأتى من الشام وعليها الحنطة إلى حكيم بن حزام بن خويلد فيوجهها نحو الشعب، ثم يضرب أدبارها فتدخل عليهم، فيأخذون ما عليها من الحنطة. وكان هشام بن عمرو (1) بن ربيعة أوصل قريش لبنى هاشم حين حصروا فى الشعب؛ أدخل عليهم فى ليلة ثلاثة أحمال طعام، فعلمت بذلك قريش، فمشوا إليه فكلموه فى ذلك فقال: إنى غير عائد لشىء تحالفتم عليه. ثم عاد الثانية وأدخل حملا أو حملين، فغالظته (2) قريش وهموا به، فقال أبو سفيان بن حرب: دعوه؛ رجل وصل رحمه، أما إنى أحلف بالله لو فعلنا مثل ما فعل كان أجمل .
Página 283